للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في (١) ما مضى. وذكرنا جميع اختلاف أهل الأصول فيه. وكأن أصحاب هذه

الطريقة يرون أن الفسحة في تأخير العبادة المؤقتة بوقت عن أول وقتها بشرط

سلامة العاقبة. ويلاحظ هذا المعنى ما وقع عندنا في المذهب فيمن أفطر

رمضان بمرض أو سفر فإنه إذا زال عذره في جملة شوال ولم يقض رمضان فإنه إن قضاه بعد ذلك قبل الرمضان الآخر لم يكن عليه كفارة التفريط (٢). وإن مرض بعد خروج شوال إلى الرمضان الآخر كفر كفارة التفريط. فكأن صاحب هذا المذهب قدر أن الفسحة في التأخير بعد شوال إنما يكون بشرط سلامة العاقبة. وسنشبع الكلام على هذه المسألة في كتاب الصوم إن شاء الله. وقد حاول بعض الأشياخ أن يثبت لصلاة الصبح وقت ضرورة مختلفًا فيه في المذهب. وذلك أنه قال قد قالوا لو أن عادم الماء إذا رجا إدراكه قبل طلوع الشمس فإنه يؤخر الصلاة، ولولا أن وقت الإسفار وقت اختيار لما أخر عادم الماء الصلاة إليه لأنه لا يؤمر بالتأخير بطلب الماء إلى وقت الضرورة. قال فهذه المسألة تدل على أن الصبح ليس لها وقت ضرورة. قال وأما ما يدل على أن لها وقت ضرورة فما سئل عنه مالك في المسافرين يقدمون الرجل لسنه فيسفر بصلاة الصبح فقال صلاتهم أفذاذًا أول الوقت أحب إليه. قال فلو كان الإسفار وقت اختيار لما استحب صلاة الفذ قبله. لأن صلاة الجماعة متفق على فضلها.

وفضل أول وقت الصبح على آخره مختلف فيه. والفضيلة "المجمع عليها أولى.

وهذا الذي قاله فيه نظر؛ لأنه يمكن أن يرى مالك أن فضيلة أول الوقت للفذ أولى من فضيلة آخره في جماعة بدليل قام له على ذلك. ويكون هذا الدليل أولى وأرجح من الترجيح بالاتفاق والاختلاف (٣). وإذا أمكن هذا لم يلزم القول بإضافة هذا المذهب إلى مالك، وقد حكى غيره من الأشياخ اختلاف المذهب


(١) على -و-.
(٢) كفارة في التفريط -و-.
(٣) النسخة -ح- صفحة ٢٥٥ أولها كلام لا يتصل بالبحث. ثم إن النسخة ناقصة من باب ذكر الآذان والإقامة إلى قوله والآذان في الصبح تسعة عشر كلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>