عصره وعرّف بمنزلته في الفقه المالكي حذاق المذهب وأئمته. إذ هو نتاج الإمامين الجليلين = القاضي أبي محمَّد عبد الوهاب صاحب المتن الذي ختم مدرسة العراق في الفقه المالكي. والإمام أبي عبد الله المازري الذي شرحه.
وهو إن ظهر فقهه بالمهدية إلا أنه يعتبر وارث المدرسة القيروانية. فاجتمع في هذا الكتاب المنهج العراقي بالمنهج القيرواني في كتاب واحد. كما اجتمع المنهجان من قبل في شرح القاضي عبد الوهاب على رسالة الشيخ أبي محمَّد بن أبي زيد القيرواني.
وهذا الكتاب يعلّم الناظر فيه طريقة التفقه، ويأخذ بيده لربط الحكم الفرعي بأصله. فهو يفتح لك منافذ لمجاوزة التقليد. ويربي الناظر فيه على الإنصاف والبعد عن التعصب للمذاهب. وأن دين الله يجب أن يكون أعظم في النفوس من أن يكون تابعاً لرأي عالم واحد مهما سما مقامه، ودق فهمه واتسع علمه. لذا توسع الإِمام المازري في إملاء مسائله ودلائله. وذلك بعد أن بلغ في مقامات التحقيق وكلفهم السديد ما قدر له، إذ اهتم به في آخر حياته. والمظنون أنه لم يكمله.
وقد ابتدأت بتحقيق كتاب الصلاة ومقدماتها. وأدعو الله أن يسعفني بعونه لإخراج ما بقي من الأجزاء. التي بمقابلتها بمتن التلقين تبين لي أن بعض ما أملاه الإِمام المازري لم تصله يدي بعد. ففي آخر الجزء الأول من المخطوطة -و- يقول الناسخ انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني. وأوله باب الزكاة. ولحد الآن لا أعرف مكان وجود شرح هذا الباب. فالله يتولى بفضله جزاء من يدلني على ما هو باق من نسخ هذا الكنز الفقهي إنه لا يضيع عنده أجر من أحسن عملاً.
وإنِّي في خاتمة فاتحة قولي هذا أتقدم بوافر الشكر، والثناء العطر، لكل من ساعدني على إنجازه وإخراجه للطالبين. وأخص بالاعتراف بفضل أياديه صديقنا العلامة صاحب السماحة الشيخ محمَّد الحبيب ابن الحوَجة الأمين العام لمجمع الفقه الإِسلامي. فقد حرص أجزل الله مثوبته، فمكنني من صورة