للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سدس سدس المناب الأصلي وأقل من ذلك. واطلعت على تركات بقيت أجيالًا لم تقسم. وكانت قيمتها يوم أراد المستحقون قسمتها تصل إلى مئات آلاف الدنانير. فكان حظ بعض المستحقين لا يبلغ الدينار. وكل ذلك يتم على أساس الكسور التي تقوم منها التركة الأصلية ثم أخذ كل كسر والمضي به في الفرع الخاص. ثم كسر كسره وهكذا. ولذا فلما كان إتقان ذلك لا يعد في ترجمة الرجال من الإختصاص في الحسابيات. فيكون قصد القاضي أنه أخذ حظًا من علوم الحساب على المستوى الذي كان عليه العلم في عصره الأمر الذي مكنه من مناقشة بعض القضايا الهندسية. يقول في فرض الغائب عن مكة في استقبال القبلة: اختلف المالكية على قولين والشافعية على قولين: ما فرض الغائب عن مكة، ومطلوبه إذا اجتهد في استقبال القبلة؟ هل استقبال عينها وسمتها أو استقبال جهتها؟ فذهب الأبهري من أصحابنا إلى أن المطلوب الجهة وهو مذهب أبي حنيفة. وذهب ابن القصار إلى أن المطلوب السمت والعين. وأشار إلى أنه لا يمتنع كثرة المسامتين مع البعد كما لم يمتنع ذلك في مسامتة النجوم. وهذا الذي قاله يفتقر إلى تحقيق. وذلك أن المتكلمين اختلفوا في الدائرة هل يحاذي مركزها جميع أجزاء المحيط أو إنما يحاذي من أجزاء المحيط مقدار ما ينطبق عليه ويماسه؟ فذهب النظام من المعتزلة إلى أن المركز يحاذي جميع أجزاء المحيط، واحتج في ذلك بأنك لو قصدت إلى جزء من أجزاء المحيط وأخرجت منه خطًا لاتصل ذلك الخط بالمركز. ورد عليه مقالته هذه أئمتنا المتكلمون وقالوا بأن الخطوط من المركز إلى المحيط فإنها تضيق عند ابتدائها وتنفرج عند انقطاعها. وما ذلك إلا أن مآل مساحة المركز يفتقر فيه إلى تفريج الخط وتعويجه ليمكن الاتصال. وقالوا ولا يحاذي نقطة المركز من أجزاء المحيط إلا ما لو قدر منطبقًا عليها لماسها. فهذه المسألة التي ذكرها المتكلمون يجب أن يعتبر بها ما قاله ابن القصار، فيقال له إن أردت بتصحيح مسامتة الكثرة مع البعد، أنهم وإن كثروا فكلهم يحاذي بناء الكعبة. فليس كما توهمت. وقد أخبرناك إنكار أئمتنا على النظام هذا. وإن أردت أن الكعبة تقدر كأنها بمرأى منهم لو كانت بحيث ترى وأن الرائي يتوهم المقابلة والمحاذاة وإن لم تكن

<<  <  ج: ص:  >  >>