للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة لو خرقت العادة فوقعت المسألة (١). وهو اعتذار يدل على الخلق الرفيع للمازري. إذ يلتمس مخرجًا يناسب مقام الإِمام الشافعي ولا يعجل بأنه خطأ محض أو جهل كما يخف إليه خفاف الدين والأدب في نقدهم للعلماء.

ومما يجري في هذا الاتجاه أعني معرفته بالعلوم الحكمية التي كانت

تشمل في عهده علوم المنطق والطب والحساب والطبيعة وما وراء الطبيعة. ما ذكره المقري قال: حكي أن بعض طلبة الأندلس ورد على المهدية، وكان يحضر مجلس المازري، ودخل الشعاع من كوة. فوقع على رجل الشيخ المازري فقال الشيخ: "هذا شعاع منعكس" فذيله الطالب لما رآه متزنًا.

فقال:

هذا شعاع منعكس ... لعلة لا تلتبس

لما رآك عنصرًا ... من كل علم ينبجس

أتى يمد ساعدًا ... من نور علم يقتبس (٢)

تعلق كل من ذكر هذه الحادثة بالناحية الأدبية وهي جميلة خاصة مع حضور البديهة وبراعة الارتجال. ولكن الناحية التي أريد لفت النظر إليها -هي الناحية الحكمية- في انعكاس الشعاع. والنظريات المترتبة على ذلك. وهي التي ترجح عندي أن المازري قصدها. إذ لو كان قصده إلى ضوء الشعاع لعدل عن الانعكاس إلى تصوير الشعاع بآثاره التي يلحظها الأدباء لا بأثره الذي يلحظه العلماء حسب قوانين الحكمة الواسعة المدلول في عصره.

سابعًا: علمه باللغة وتضلعه بالأدب. ينبىء عنه:

ما ذكره ابن خلكان قال: وله في الأدب كتب متعددة (٣). وما ذكره القاضي عياض واطلع على علوم كثيرة ... والآداب. وكان مليح المجلس


(١) شرح التلقين ج ٣ ص ١٠٩٨.
(٢) أزهار الرياض ج ٣ ص ١١٦.
(٣) وفيات الأعيان ج ٤ ص ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>