للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصنف الذي يثاب. والثالث القدر الذي يلزم قبوله. والرابع ما يفيتها. والخامس الوقت الذي يعتبر قيمتها فيه.

وبعد هذا أخذ في الإجابة عن السؤال الأول فنقل عن ابن القاسم في كتاب الصدقة من المدونة له أن يمنع من هبته حتى يثاب. وقال محمَّد ليس له أن يمنع من قبضها. ثم يختار قول محمَّد ويعلل اختياره. فيقول: وهو أحسن.

والشأن أن يسلم ثم يطلب الثواب. ثم يخرج على هذا الخلاف ما إذا كان الواهب مريضًا فإنه يجوز أن يسلمها قبل القبض وعلى القول الثاني يجبر إلا أن يكون الموهوب له فقيرًا فللورثة منعه منها. فإن قبضها "أي الموهوب له " منعوه من بيعها حتى يثيب وإن كان موسرًا لم يكن لهم إلخ.

وهذه الطريقة تأثر بها المازري في شرحه للتلقين. فهو يفتتح شرح القاضي بإيراد أسئلة ثم يأخذ في الإجابة عنها.

انتقاد المازري لشيخه أبي الحسن:

الإِمام المازري متمكن من علم الأصول يجري مع أنفاسه وهو ينظر في الفروع الفقهية ويحقق القول فيها حتى تنتظم عنده الشريعة تحت الضوابط الإجمالية التي هي مدارك علم الأصول. ولكن الشيخ أبا الحسن لم يكن على هذا القدر من التمكن. لذا كان المازري يتعقب كلامه مصرحًا بأن حظه من الأصول ضعيف. فمن ذلك ما رد به المازري تعقيب اللخمي على ابن عبد الحكم عندما استدل على وجوب صلاة الجنازة بقوله تعالى. {ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا} (١) الآية. فتعقب الاستدلال أبو الحسن اللخمي وقال: هذا النهي عن الشيء أمر بضده إن كان له أضداد. فضد المنع من الصلاة على المنافقين إباحة الصلاة على المؤمنين والندبُ والوجوب، فليس لنا أن نحمل الآية على الوجوب دون الإباحة والندب، إلا أنه لم تختلف الأمة أن الناس مأخوذون بالصلاة على موتاهم وأنهم لا يسعهم ترك ذلك. وهذا الذي قاله رحمه الله هفوة لا يقع فيها حاذق بعلم الأصول. وإن كان رحمه الله ليس بخائض في علم الأصول. ولكن تعلق بحفظه منها ألفاظ ربما صرفها في غير


(١) سورة التربة، آية: ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>