النوافل أجزأه. وقال عيسى لا يومئ من غير علة في نافلة ولا غيرها. قال بعض المتأخرين ظاهر قول ابن القاسم الكراهة. وظاهر قول عيسى المنع.
وقال ابن حبيب له ذلك في النافلة كما له ترك القيام مع القدرة. وأما تنفل المضطجع اختيارًا فاختلف فيه على ثلاثة أقوال: فقيل يُمنع الصحيح والمريض. ويجوز لهما عند الأبهري. ويجوز للمريض خاصة عند ابن الجلاب، وهو ظاهر المدونة. وقد احتج الأبهري للجواز على الإطلاق بما قدمناه من حديث عمران بن حصين وقد ذكر فيه: ومن صلى نائمًا مثل نصف أجر القاعد. وظاهر الحديث أنه في المختار كما قدمناه.
والجواب عن السؤال العاشر: أن يقال: أما النافلة فليس له أن يقطعها قبل إكمالها لأنها عمل متصل شرعًا، فالشروع في أوله التزام لآخره. وقال الشافعي وابن حنبل له قطعها متى شاء. وكأنهما رأيا أنها لما لم تكن واجبة في أصل الشرع وإنما هي موقوفة على اختيار المكلف اقتضى ذلك بان يكون بالخيار بين الفعل والترك متى شاء. والاختلاف في هذه المسألة كالاختلاف في جواز قطع صوم التطوع وسنتكلم عليه في موضعه إن شاء الله تعالى ونذكر ما تعلق به الشافعي من الأحاديث الدالة عنده في الصوم على ما قال.
وسنتكلم أيضًا في كتاب الحج على قطع حج التطوع والصد عنه وفواته بما يكون الوقوف عليه يكشف الغطاء عن الاختلاف في هذه المسألة. وأما لو قطعت النافلة غلبة كما لو أحدث مغلوبًا فإنه لا قضاء عليه لمّا كان الفعل في أصله غير واجب. ولم يكن القطع باختياره فيعَدّ قاطعًا لما التزم. ولو كانت النافلة منذورة لقضاها وإن قطعت. لأنها بالنذر والإحالة على الذمة تُشبه الصلوات الفرائض المحالة على الذمة. لكن لو كان النذر في الصلاة نذرًا معينًا، كالناذر تنفل ساعة بعينها فَغُلِب على ترك الصلاة فيها فإن هذا يتخرج على القولين في ناذر صوم يوم بعينه فغُلب على إفطاره. فإن أصحابنا اختلفوا في قضائه.