للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختيارًا. وأما من (١) صلى فيه اضطرارًا لضيق المسجد فإن الصلاة حينئذٍ جائزة.

ورأيت فيما عُلّق على ابن الكاتب وابن مناس من صلى على قارعة الطريق لم يُعد إلا أن تكون النجاسة فيها عينًا قائمة.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: أما الصلاة في المقبرة، فالمشهور من مذهبنا إجازتها وإن كان القبر بين يديه. وروى أبو مصعب عن مالك أنه كره الصلاة فيها. وتال القاضي أبو محمَّد تكره الصلاة في المقبرة الجديدة في الجملة. وإن كانت قديمة وفيها نبش فلا يجوز إلا أن يجعل فيها حصيرًا تحول بينه وبينها. وتكره في مقابر المشركين جملة من غير تفصيل. ووافقنا أبو حنيفة والشافعي على الجواز. هكذا حكى بعض أصحابنا. وفي كتب أصحاب الشافعي أن الصلاة لا تجوز إذا تكرر نبشها وتجوز إذا لم تنبش إلا أنه يكره، ولا فرق بين (٢) أن يصلي فيها أو إليها. قالوا وإن جهل حالها هل تكرر نبشها أم لا؟ قولان: أحدهما الجواز لأن الأصل الطهارة. والثاني لا يجوز لأن الظاهر تكرار النبش لكون المقبرة مدفنًا قديمًا. وقال بعض أهل الظاهر لا تجوز الصلاة في المقبرة.

فدليلنا على الجواز قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا" (٣).

ولأنه عليه الصلاة والسلام صلى على السوداء في قبرها بعد دفنها (٤). وقد قال نافع صلينا على عائشة رضي الله عنها وأم سلمة رضي الله عنها وسط البقيع والإمام يومئذٍ أبو هريرة وحضر ذلك ابن عمر رضي الله عنهم.

وأما وجه النهي عن ذلك فلأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تتخذ القبور مساجد (٥). وخرج مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها (٦). وقد أخذ


(١) وأما إن - قث.
(٢) بين = ساقطة -و-.
(٣) أخرجه أصحاب الصحيح بطرق متعددة. نيل الأوطار ج ١ ص ٢٣٠ وج ٢ ص ١٣٤.
(٤) رواه مسلم. إكمال الإكمال ج ٣ ص ٩٠. والنسائي ج ٣ ص ٦٩.
(٥) رواه مسلم وأبو داود وأحمد والنسائي وابن ماجة. نيل الأوطار ج ٢ ص ١٣٥.
(٦) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. نيل الأوطار ج ٢ ص ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>