فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: الأسباب التي تكلم أهل العلم على كونها مؤثرة في جواز الجمع أربعة. أحدها السفر. والثاني المطر. والثالث المرض. والرابع الخوف. وقد تكلم القاضي أبو محمَّد ها هنا على سببين منها وهما السفر والمطر. وسنلحق نحن الكلام على السببين الآخرين في أثناء كلامنا على ما تكلم عليه وإنما انحصرت الأسباب في هذه الأقسام لأنه لا يتصور عذر في غالب الأمر يشق معه أداء الصلاة على الفرض الأصلي سوى هذه الأسباب. ولهذا انحصر الأمر فيها.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: أما الجمع لِغير سبب فإنه مأخوذ مما قدمنا الكلام عليه في أول كتاب الصلاة لما ذكرنا اشتراك الظهر والعصر في الوقت. وذكرنا الخلاف في ذلك، وسبب الخلاف. وأشرنا إلى أن من ذهب إلى الاشتراك يستدل بجمع عرفة والمزدلفة. وإن الجمع بعرفة ترك فيه الوقت لفضل الوقوف. فلو كان الوقت فرضًا لما ترك لما ليس بفرض وكذلك تأخير المغرب في المزدلفة لأجل الإفاضة. فلو كان الوقت فرضًا ما ترك للإفاضة، وما ورد من الأحاديث في جمعه عليه الصلاة والسلام في السفر. وأن من نفى الاشتراك يحتج بحديث الأوقات، ويرى أن سبب وجوب الصلاة: الوقت. فلو كان الوقت واحدًا لم يفتقر إلى التمييز بين الصلاتين في النية كما لم يحتج إلى التمييز في سائر أيام رمضان لاستواء أيامه في سبب الوجوب، وكونها من رمضان. فلما افتقر إلى التمييز في الصلاتين علم أن السبب مختلف، وأن الأوقات متميزة، وهذا الذي أحلنا عليه إنما يفيد النظر في الإجزاء إذا خولف في الأوقات حكم الاختيار. وإلا فالجامع لغير عذر منهي عنه عندنا. وقد قال القاضي إسماعيل في المبسوط لما نص على القول بالاشتراك واحتج له إنما هذا عند الضرورة كما فعله الأئمة. وأما من فعله لغير ضرورة فإنه