رخصة. وعقبه بقوله وأول الوقت فيهما أححت إلينا، ليشعر أن عدّه رخصة إنما كان لفوت فضيلة أول الوقت على حسب ما تأولناه على المدونة. وما ذكره أشهب في المغرب والعشاء إنما ذلك على القول بان للمغرب وقتين، وأشار إلى كونهما أخفض رتبة من الظهر والعصر لأجل الاختلاف في وقت المغرب.
وأما الجمع في وقت اختيار لإحداهما ضرورة في الأخرى فيتصور بأن تقع الأولى في أول وقتها، والثانية في وقت لها ضروري ليس باختياري لأن من جمع بين الظهر والعصر عند الزوال فإن الظهر واقعة في وقتها المختار والعصر في وقت اضطرار. ويتصور أيضًا بان تؤخر الظهر إلى آخر وقت العصر فيجمع بينهما.
وأما كونهما يوقعان في وقت ضروري لهما فيتصور بأن يجمع بينهما قبل الغروب.
فإذا وضح لك أن الخروج عن وقت الاختيار إنما يسوغ عند العذر والاضطرار فيجب أن يراعى حال المسافر. فإن كان زالت عليه الشمس وهو في المنهل ويعلم أنه متى رحل لا ينزل إلا بعد الغروب، فإنه ها هنا يجمع بين الظهر والعصر عند الزوال إذا كان رحيله حينئذٍ، لأنا إن منعناه من الجمع فلا بد أن نكلفه النزول ليصلي المعصر قبل خروج وقتها، وفي النزول اضرار به. وإن لم نكلفه النزول صلى العصر بعد الغروب، وتأخير الصلاة عن جميع وقتها محظور. فلما تقابل الإضرار به في تكليف النزول، والتقصير في العصر بأن توقع في وقتها الضروري، رأى لك رحمه الله أن مراعاة الضرورة آكد من مراعاة الاختيار في الوقت. ورأى المخالف أن مراعاة الاختيار في الوقت أولى من مراعاة الضرورة. وقد تقدمت الحجة لمالك في هذا. وقد ذكر في المدونة جمع المسافر في المنهل إذا كان رحيله عند الزوال ولم يذكر إباحة الجمع بين العشاءين إذا كان (١) رحيله عقيب الغروب. وذهب سحنون إلى جواز ذلك في العشاءين كجوازه في الظهر والعصر. وأشار بعض المتأخرين إلى أن مذهب المدونة خلاف ما قال سحنون. ووُجَّه ظاهر المدونة عنده بأن ما بعد الغروب