فإن الرفع منهما يجزيه ولا يعيده إذا عاد إلى البناء. لأن المقصود من الركعة والسجدة قد حصل فإذا حصل المقصود سالمًا من موانع الصلاة عُدّ ما تعلق به وكان تابعًا له في حكم السالم، وإن كان به رعاف حينئذٍ.
وقد كنا قدمنا اضطراب القول بني الرفع من الركوع هل هو فرض في نفسه أم لا؟ وذكرنا ما قاله الناس في الرفع من السجود وأشرنا إلى الاضطراب أيضًا في الحركة إلى الأركان. وهل القيام إلى الثانية مراد في نفسه أو المراد حصول المصلي قائمًا؟ وإذا لم تكن هذه الأمور مرادة في نفسها كان قول ابن حبيب أوضح منه إذا بني على القول بأنها مرادة في نفسها. وإذا قلنا بأن الراعف يعتد بأجزاء الركعة ويبني عليه، فإنه متى عاد فعل الأجزاء الباقية من الركعة ما لم يكن تشاغله بفعلها يفيته مع الإِمام عقد الركعة التي صادفه فيها ولا يمنعه من البناء وإكمال ما بقي عليه من الركعة صلاة الإِمام ركعة في غيبته، بخلاف الناعس لأن الناعس إذا زال عذره والإمام لم يعقد ركعة كان اتباع الإِمام أولى به من تشاغله بقضاء ما فات. لأنه إن تشاغل بقضاء ما فات زاد في الفوات.
والراعف في حال غسله الدم غير مأمور باتباع الإِمام فيما عقده بعده. ولا يمكنه ذلك، فلهذا لم يمنعه ذلك من الإصلاح. ولكنه إذا صادف الإِمام في حال يكون تشاغله بإصلاح ما رعف فيه يفيته الركعة مع الإِمام منع ذلك وصار كالناعس.
وكذلك الناعس لو تمادى به النعاس حتى عقد الإِمام ركعة أخرى لم يمنعه ذلك من الإصلاح لما كان في حال نعاسه غير مخاطب بالاتباع كالراعف إذا تشاغل بغسل الدم (١)، فالراعف والناعس جاريان على أصل واحد.
والجواب عن السؤال السابع: أن يقال: اختلف المذهب في الراعف إذا كان فذًا هل يبني أم لا؟ فأجاز مالك له البناء. ومنعه ابن حبيب، فكأن مالكًا رأى أن الظواهر والآثار عن الصحابة المقتضية للبناء لا تخص مصليًا دون فصل فحملها على إطلاقها. وكان البناء في الراعف لحرمة قطع الصلاة، واحيتاطًا من إبطال العمل بمانع وقع عن غلبة، ولم يؤثر في نقض الطهارة. وهذا حاصل في الفذ كما هو حاصل فيمن كان في جماعة. وكان ابن حبيب رأى أن البناء في