للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدأ هذا المصلي بجانب وحقه أن يبدأ بغيره لأجزأته صلاته. ولو صلى على جنب وهو قادر على أن يصلي قاعدًا (١) مستندًا، لأعاد. قاله بعض الأشياخ.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: الإيماء يكون بالرأس والظهر جميعًا. قال مالك في المدونة إذا لم يقدر المريض أن يسجد على الأرض فليومىء بظهره ورأسه. والإيماء للسجود أخفض من الإيماء للركوع. وليس الإيماء على الحقيقة ببدل من الركوع والسجود لأن الإيماء للركوع بعض الركوع والإيماء للسجود بعض السجود، لأن الركوع الانحناء. والسجود إمساس الجبهة بالأرض. ولا يمكن ذلك إلا بحركة الرأس والظهر إلى مبلغ ما.

فالعاجز عن ذلك المبلغ يفعل بعض الحركات التي يفعلها من لم يعجز. فهي مفعولة في الحالين مع القدرة ومع العجز. وهذا لا يكون بدلًا إذ لا يكون بدل الشيء بعضه، هذا هو التحقيق. ومتى أطلق المحقق على ذلك اسم البدل فتوسعٌ وتساهل في العبارة. وإذا ثبت هذا فإن المريض وإن أبيح له الإيماء والجلوس لأجل المرض، فالمأمور به أن يصلي إلى القبلة. قال في المدونة في المريض: لا يصلي إلا إلى القبلة. وإن عسر تحويله إليها احتيل فيه. فإن صلّى إلى غيرها أعاد في الوقت إليها. قال بعض المتأخرين الوقت المشار إليه غروب الشمس في الظهر والعصر. وإنما يعيد في الوقت من لم يقدر على استقبال القبلة. فأما المريض القادر على استقبالها فيعيد أبدًا كالصحيح. وهل على المومىء أن يبلغ نهاية ما في وسعه من الحركة إلى هذا المبلغ المشار إليه؟ ظاهر المدونة أنه ليس ذلك عليه لقوله في المصلي قائمًا يجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه للركوع. فأشار إلى جواز الاقتصار في الإيماء للركوع على دون المقدور عليه منه. وهكذا قوله في المدونة في القادر على السجود على الأنف دون الجبهة يومئ ولا يسجد على الأنف، فاْمره بترك زيادة مقدور عليها في الإيماء. وظاهر مختصر ابن شعبان أن عليه البلوغ إلى نهاية ما يقدر عليه من الإيماء؛ لأنه قال فيمن رفع إليه شيء يسجد (٢) عليه. إن كان أومأ إلى طاقته ثم


(١) جالسا - قث.
(٢) فسجد - قث.

<<  <  ج: ص:  >  >>