ركبتيه في إيمائه. ولو صلّى جالساّ وهو قادر على الركوع فقد قال مالك فيمن تنفل في محمله يركع متربعًا ويضع يديه على ركبتيه، وإذا رفع رأسه من ركوعه رفعهما.
وإن لم يعجز المريض إلا عن السجود فقد قال مالك في المدونة فيمن لم يقدر على السجود لرمد بعينيه، أو صدل يركع ويقعد ويثني رجليه ويومىء للسجود. قال أبو إسحاق رحمه الله إن قدر أن يومئ للسجدة الأولى من انحطاطه إلى الركوع فعل، لأنه لا يجلس قبل السجدة الأولى. وإن تعذر ذلك عليه جلس ثم أومأ للسجود، ولو حاول هذا المريض أن يجمع بين إيماء وسجود فإنه ينهى عن ذلك. قال مالك في المدونة لا يرفع إلى جبهته أو ينصب بين يديه شيئًا يسجد عليه فإن جهل وفعل ذلك لم يُعِد. وقال أشهب إنما يجزيه إذا أومأ إلى ذلك الشيء برأسه حين يسجد عليه. وأما لو رفعه حتى أمسه جبهته وأنفه لأعاد صلاته أبدًا. وكان أشهب رأى أنه إذا لم يُومِ برأسه لم يحصل السجود ولا ما أُقيم مقامه وهو الإيماء. فإذا أوما فقد حصل المطلوب منه وهو الإيماء، ولا يضره مماسته جبهته لبعض الأشياء. وعلى مقتضى قول مالك في مختصر ابن شعبان يراعي أيضًا في إيمائه أن يبلغ نهاية الحركة المقدور عليها.
واشترط بعض أشياخي أن يقصد بإيمائه الأرض لا الشيء المسجود عليه، لأن المراد بالإيماء عنده أني مطيع غير مستكبر عما دُعيت إليه من السجود على الأرض. وإذا لم تكن الإشارة إلى الأرض وإنما كانت للمسجود عليه لم يحصل الغرض المقصود فلا يعتد بهذا الإيماء. قال ألا ترى أن مالكًا أمره أن يحسر العمامة عن جبهته في حال إيمائه. فكانه استشعر من قول مالك هذا ما قاله: من أن القصد مضاهاة فعل الساجد في التذلل، وإنما حسر في عمامته حتى يستشعر حالة الساجد بالأرض.
وإذا لم يقدر المريض إلا على الاضطجاع فليومىء برأسه ولا يدع الإيماء. وقد قال عليه الصلاة والسلام: من لم يستطع الركوع والسجود فليومىء برأسه إيماء (١).
(١) من حديث جابر أخرجه البزار في مسنده والبيهقي في المعرفة وأبو يعلي في مسنده ومن حديث ابن عمر رواه الطبراني نصب الراية ج ٢ ص ١٧٦.