للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحوال. وما دونه في حكم الإقامة. وأيضًا قوله عليه الصلاة والسلام: يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة بُرُد من مكة إلى عُسْفان (١). ولأن مشقة الحمل والترحال والسير الذي يحصل مقدار يومين فجعل ذلك حدًا للقصر. فاقتضت هذه الظواهر ما قال مالك والشافعي وخصت قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} على أن الضرب في الأرض فيه إشعار سفر مالًا ولا يقتضي أقل الضرب وأقصره. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن (٢). وهذا يقتضي مسح المسافر هذه المدة. ولا يمكن ذلك إلا إذا قدّر

السفر بثلاثة أيام. وبقوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفر ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها (٣). وهذا يشعر بتحديد الثلاثة أيام على حسب ما قلناه نحن في الحديث المروي فيه النهي عن سفرها يومًا وليلة. وبهذه الظواهر أخذ أبو حنيفة. وأما ما أضربنا عن توجيهه من الأقوال فمأخوذ من هذا الإسلوب لأن المفهوم أن القصر لأجل المشقة فكل من أولئك (٤) يُقدّر المشقة بالتقدير الذي حكينا عنه. وإذا ثبت ما قلناه بن اعتبار القصر بأربعة برد. فمن قصر في أقل منها فقال ابن القاسم في العتبية إنْ قصر في ستة وثلاثين ميلًا فلا إعادة عليه. وقال يحيى بن عمر يعيد أبدًا. وقال عبد الله بن عبد الحكم يعيد في الوقت. وإن قصر في أقل منها فقد قال ابن القاسم من قصر دون ذلك أعاد أبدًا. لأنه غير مسافر ولم يعتبر اختلاف الناس في ذلك. وكان ما دون ذلك يتضح أن معاني السفر مفقودة (٥) فيه فلم يتعلق به حكم السفر.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: المعتبر عندنا في مقدار السفر أن تكون الأربعة برد سيرًا محضًا ولا تلفق من سير ورجوع. فمن خرج لسفر نهايته


= معها محرم. فتح الباري ج ١ ص ٢٢٢.
(١) حديث ضعيف رواه البيهقي: السنن ج ٣ ص ١٣٧.
(٢) أخرجه مسلم والبيهقي والترمذي: سنن البيهقي ج ١ ص ٢٧٦.
(٣) رواه البيهقي. السنن ج ٣ ص ١٣٨.
(٤) أولئك = ساقطة -و-.
(٥) مقصودة -و- وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>