ويراعى مقدار السفر من حيث يخاطب بالصلاة. ففي السليمانية في النصراني يقدم من مصر يريد القيروان فأسلم بقلشانه أنه يتم. قال لأن الباقي من سفره لا يقصر فيه. وإذا وجب عليه الإتمام من قلشانه فطرد هذا يقتضي أن يراعي مقدار السفر من حين البلوغ، في حق من بلغ في أثناء السفر. وكذلك يراعى في حق المجنون إذا عقل في أثناء السفر. قال بعض أشياخي في طهر الحائض في أثناء السفر نظر وعندي أنه لا يتضح فرق بينهما وبين ما تقدم لأنها غير مخاطبة بالصلاة أيام حيضتها إجماعًا، والكافر مخاطب بالصلاة وبغيرها من فروع الشريعة بشرط تقدمة الإيمان عند جماعة من أهل الأصول.
وإذا لم يعتبر ما مضى من سفره مع الاختلاف في خطابه فالحائض أولى بذلك لكونها لم يختلف في سقوط الخطاب عنها إلا أن يقال إن الحائض كانت قبل حيضتها مخاطبة بالصلاة وإنما ارتفع الخطاب عنها لمانع والمانع يتوقع ارتفاعه في كل جزء من أجزاء السفر فخالفت بهذا من ذكر معها فهذا مما ينظر فيه. ومن شرط مقدار السفر أن يكون معزومًا عليه لا مترددًا فيه فمن خرج لبيع سلعة وهو شاك في مقدار مسافة بيعها فإنه لا يقصر الصلاة لأن الأصل الإتمام والقصر طارئ فلا يصار إليه إلا بعد تحقق السبب المبيح له. وكذلك قال مالك في المدونة فيمن خرج في طلب آبق أو حاجة فقيل له بين يديك على بريدين فمشى كذلك أيامًا ولا يدري غاية سفره فليتم في سيره ويقصر في رجوعه إذا كان أربعة برد فأكثر. وقال مالك في المدونة فيمن واعد قومًا للسفر يمر بهم، وبينه وبين موضعهم ما لا تقصرُ فيه الصلاة في مثله أو تقدمهم حتى يلحقوه فإن كان عازمًا على السفر خرج القوم أم لا فليقصر إذا برز عن قريته.
وإن كان لا يخرج إلا بخروجهم فليتم حتى يبرز عن موضعهم أو عن الموضع الذي يلحقونه فيه. واختلف (١) قول مالك فيمن خرج من الفسطاط إلى بئر عميرة يقيم به اليومين كما يصنع الأكرياء حتى يجتمع الناس فقال أحب إلى أن يتموا إذا كان الاكرياء يحبسون الناس. وقال أيضًا يقصرون. وقال يحيي ولم ير