للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلف المقيم كإحدى طريقتي المتأخرين. لأنهما إذا قالا ذلك في صلاة سفرية فات وقتها، مع اختلاف الناس فيها، هل تقضى تامة سواء ذكرها في حضر أو سفر، فأحرى أن يقولا ذلك في صلاة لم يفت وقتها. وأما قولهما بالإتمام فتردد بين الثلاثة طرق: أحدها البناء على أن القصر ليس بفرض. والثاني على أنه فرض ولكن يتعين الفرض بالاقتداء. والثالث وهو أبعدها أن يكونا رأيًا أن ما يقضيه المسافر لما اختلف الناس في إتمامه خفّ اتباعُ الإِمام في الإتمام، بخلاف ما حضر وقته من صلاة المسافر. وإذا قلنا بان المسافر يُتِم خلف المقيم فإنما يكون ذلك إذا أدرك ركعة فأكثر. فاما إن أدرك أقل من ركعة فإنه يكمل على إحرامه صلاة سفر. وقال أبو حنيفة والشافعي يتم وإن لم يدرك مع الإِمام إلا التشهد. فاما نحن فنحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (١). دليل هذا الخطاب أنه لا يكون مدركًا بأقل من ركعة قياسًا على صلاة الجمعة فإنها لا تدرك بأقل من ركعة عندنا وعند الشافعي دون أبي حنيفة وقد فرقت الشافعية بين الجمعة وبين ما نحن فيه بأن مدرك بعض الجمعة يتقل إلى عدد أقل لأن الظهر أربع والجمعة ركعتان. فلم يتقل إلى الأقل بإدراك ما دون الركعة. والمسافر يتقل من ركعتين إلى أكثر. والانتقال من الأقل إلى أكثر يكون بدون الركعة. وغير بعيد أن يكون التخفيف معلقًا بإدراك ما له قدْر. والزيادة معلقة بما لا قذر له. وأما المخالف فإنه يحتج بأن ابن عباس سئل فقيل له ما بال المسافر يصلي ركعتين في حال الإنفراد وأربعًا إذا ائتم بمقيم؟ فقال تلك السنّة. ولم يقيد ما قال بإدراك ركعة. وبأنه عليه الصلاة والسلام قال: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به" (٢). وبقوله: "وما فاتكم فاقضوا" (٣). وأجيب عن هذا بأن الائتمام إنما يكون مع الإِمام. ومسألتنا إنما تتصور بعد فراغ الإِمام.

وكذلك قوله فاقضوا معناه ما وجب، وفي الواجب اختلفنا. وأما خبر ابن عباس


(١) متفق عليه عن أبي هريرة. فيض القدير ج ٦ ص ٤٤.
(٢) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة. جامع الأصول ج ٥ ص ٦١٩.
حديث رقم ٣٨٨٢.
(٣) رواه عيينة عارضة الأحوزي ج ٢ ص ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>