للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريقة. فإن قلنا ليستا بمعنى النافلة بل هما واجبتان كوجوب الأولى إلا أن يختار المكلف سقوط الوجوب. ومنهم من لم يختر سقوط الوجوب نفيًا (١) على الأصل، فلا شك ها هنا في المصلي إذا نوى الأربع لم يكن له التنفل لأنه لما شرع في الوجوب لزمه على حسب ما شرع فيه. وكذلك أيضًا ما حكيناه من كون المسافر إذا صلى أربعًا يعيد في الوقت وإن كان عامدًا، ينبغي أن ينظر في تعمده لذلك. فإن كان قصد إليه لاعتقاده التخيير أو أن الإتمام (٢) أفضل لاجتهاده أو تقليده في ذلك من يسوغ تقليده فإنه لا معنى للإعادة ها هنا. أما المجتهد فإنا لو أمرناه ما أطاع، لأن الأمر له مثله. وأما العامي فإنا نبيح له تقليد من قلده، لكنه لو فعل ذلك جهلًا بحكم صلاة المسافر لحسُن أن يقال بالإعادة في الوقت على القول بأن القصر سنة. وأما على القول بأنه فرض أو أنه غير فقد أشرنا إلى ترديد القول في ذلك فيما تقدم ونبهنا على ما يجب أن يكون مقتضى المذهبين. وإذا قلنا بالإعادة في الوقت فهل يكون الوقت وقت الاختيار أو وقت الضرورة؟ قال الأبياني وقته وقت الصلاة المفروضة. وقال أبو محمَّد في صلاة النهار وقت النهار كله. وقد قدمنا سبب الاختلاف في مثل هذا في مواضع. وذلك أن إيقاع الصلاة في الوقت الضروري إيقاع فيه نقص وإيقاعها في السفر أربعاً إيقاع فيه نقص فأي النقصين أولى أن يعتبر؟ هذا هو موضع الاختلاف. ومما يجري على ما قدمنا فيمن نوى شيئًا فاحب أن يفعل خلافه كمسافر صلّى بمسافرين فقام من اثنين فسبحوا به فتمادى وجهل، فإن الإِمام يعيد في الوقت. واختلف في المأمومين ففي المدونة. أنهم يقعدون فإذا سلم الإِمام سلموا بسلامه وتجزيهم صلاتهم. وروي عن مالك أيضًا أنهم يسلمون وينصرفون. ولمالك أيضًا أنهم يصلون معه ويعيدون. فأمرهم بالتمادي معه.

وظاهر أمرهم أنهم أحرموا على ركعتين. وقال سحنون إن أتم ناسيًا لسفره أو لإقصاره أو متأولًا فإنه يعيد هو ومن اتبعه في الوقت ويعيد من لم يتبعه أبدًا. ألا ترى أنهم لو سبحوا به حين قام من الركعتين فرجع إليهم وسلم لكانت عليهم


(١) يقينًا -و-.
(٢) الائتمام -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>