للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوسط الشاذلي النيفر. فجعله مجتهدًا. إلا أنه عدل عن إعلان ذلك والتزم مذهب مالك لأمرين. أن الناس يكفيهم ما هم فيه من الاختلاف فلا يضيف سببًا آخر للاختلاف. ولأنه لو أعلن اجتهاده فإن أهل إفريقية لا يرضون بمذهب مالك بديلًا. فلذلك لم يخرج عن مذهب مالك.

وهذا لا يتيسر قبوله لأن المجتهد هو الذي اطمأن إلى أن ما بلغ إليه اجتهاده صواب يحتمل الخطأ وما ذهب إليه المخالف له خطأ يحتمل الصواب. ولذا فإن دينه وأمانته تمنعه أن يفتي بما هو يعتقد خطأه. فالمجتهد ملزم شرعًا بأن يعلن عن حكم الله الذي اطمأن إليه. والمازري في ورعه وعلمه أبعد من أن يظن به هذا. ولذا فلما كان المازري رحمه الله قد اودع فقهه في كتبه. وخاصة كتاب التلقين. فإننا سننظر في أثره هذا. فهل يضيء لنا هذا الكتاب القيم الإجابة عن هذا السؤال؟

إنه لا بد قبل تتبع فقهه في كتاب التلقين تدقيق أمر.

أولًا ما المقصود بالاجتهاد. الذي نفاه من نفاه وأثبته من أثبته؟.

الاجتهاد على مراتب.

أعلى المراتب: الاجتهاد المطلق = وهي المرتبة التي تثبت للفقيه الذي نظر في المنهج الذي يتبع في استنباط الأحكام. فهو الذي سن الأدلة ما يعتبر دليلأوما لا يعتبر دليلًا. وما يمكن أن يستند إليه الفقيه وما لا يستند إليه في بيان حكم الله.

ثم بعد الاطمئنان إلى ما ينتج وما لا ينتج. ينظر في ترتيب تلك الأدلة ما يقدم منها وما يؤخر وما هو موقف الفقيه منها عند التعارض. فالكتاب حجة مثلًا. والسنة حجة والإجماع حجة والقياس حجة. فإذا تعارض نص السنة ونص الكتاب فكيف يتم الترجيح. وكذلك القياس. وعمل أهل المدينة حجة عند مالك. والسنة حجة فإذا عارض حديث الآحاد عمل أهل المدينة فبماذا يأخذ الفقيه. وكذلك قول الصحابي هل هو حجة أولًا؟. ثم إذا أثبته الفقيه فما

<<  <  ج: ص:  >  >>