للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تعد من الصفات المصيّرة للخطى سفرًا لأن الخطى وإن كثرت لا تصير سفرًا إلا إذا وقعت على صفة ما وليست من هذه الصفة كونها طاعة أو معصية. فإذا انفصلت الطاعة أو المعصية عن حقيقة السفر وكانت الرخص معلقة بالسفر كان العاصي كالمطيع في جواز الترخص. وكذلك الصلاة في الدار المغصوبة لم يكن الغصب بالصلاة وإن كان موجودًا مع الصلاة فلما لم يكن الغصب بالصلاة أجزت الصلاة. وكذلك ضرورة الجوع لا تقع بسبب البغي والعدوان بل بالحلول بالمكان القفر عن الطعام، ولا تأثير للبغي في جعل المكان قفرًا ولا في إثارة الجوع. وهذا بخلاف زوال العقل بالسكر. لأن السكر حدث من شربه، وشربه ما يسكره حرام. وكذلك ما قالوه في إقامة صلاة الخوف *بأن الخوف* (١) إنما لحقه بسبب معصية في سفره لا بسفره؛ لأنه لم يخف الإِمام لكونه مسافرًا وإنما خافه بنفس معصيته في ذلك السفر (٢).

قال القاضي أبو محمَّد رحمة الله: وإذا فرغ من الصلاة مقصورة، ثم عزم على الإقامة لم تلزمة إعادة وإن عزم على ذلك في الصلاة جعلها نافلة وابتدأها (٣) تامة.

قال الفقيه الإِمام رض الله عنه: يتعلق بهذا الفصل سؤالان: منهما أن يقال:

١ - ما حكم الرجوع عن نية الإقامة إلى السفر؟.

٢ - وما حكم الرجوع عن نية السفر إلى الإقامة؟.

فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: أما المقيم بوطنه فقد ذكرنا أنه لا يبطل حكم الإقامة بمجرد نية السفر. وقد ذكرنا اختلاف الناس في ذلك وسبب اختلافهم. وأما إذا كانت الإقامة ليست في موضع الاستيطان كمسافر من بمدينة، في أثناء سفره نوى أن يقيم بها مدة الإتمام، ثم انثنى رأيه عن الإقامة


(١) ساقط من -و-.
(٢) ما جاء من التمثيل بصلاة الخوف - غامض.
(٣) وأعادها -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>