للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما حديثا محجن وأبي ذر فدلا بعمومهما على مشروعية الإعادة ولم يفرقا بين وقت وآخر ولا بين صلاة وأخرى فيشمل ذلك الإعادة في أوقات النهي.

قال ابن قدامة بعد ذكره للأحاديث المذكورة: "وهذه الأحاديث بعمومها تدل على محل النزاع، وحديث يزيد بن الأسود صريح في إعادة الفجر، والعصر مثلها"١.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث أبي ذر بعد ذكره بكل ألفاظه ما نصه: "وهذه النصوص تتناول صلاة الفجر والعصر قطعا فإنهما هما اللتان كان الأمراء يؤخرونهما بخلاف الفجر فإنهم لم يكونوا يصلونها بعد طلوع الشمس وكذلك المغرب لم يكونوا يؤخرونها، ولكن كانوا يؤخرون العصر أحيانا إلى شروع الغروب، وحينئذ فقد أمره أن يصلي الصلاة لوقتها ثم يصليها معهم بعد أن صلاها ويجعلها نافلة وهو في وقت نهي، لأنه قد صلى العصر، ولأنهم قد يؤخرون العصر إلى الاصفرار فهذا صريح بالإعادة في وقت النهي "٢ اهـ.

ومن رأى أن الإعادة تكون لمن صلى وحده فقط نظر إلى ما جاء في حديث جابر بن يزيد بن الأسود "صلينا في رحالنا"٣، وإلى أن المصلى في جماعة حصل فضيلة الجماعة فلا معنى للإعادة٤.

ومن شرط أن تكون مع إمام الحي نظر إلى أن قضية النص في حديثي جابر وبسر بن محجن وردت في ذلك٥.

والذي أراه في المسألة هو جواز الإعادة مطلقا سواء كان المدرك للجماعة سبق أن صلى وحده أو في جماعة وسواء كانت الإعادة مع إمام الحي أم مع غيره، لأن الأحاديث السابقة تدل بإطلاقها على ذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صليتما في رحالكما" عام يشمل الصلاة فرادى وجماعة وكذلك ما جاء في حديث بسر بن محجن "إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت ".

وأما دليل الحنفية فيمكن الجواب عنه بأنه قياس في مقابلة النص والله أعلم بالصواب.


١ ١لمغني ٢/٥٢١.
٢ مجموع الفتاوى ٢٣/ ١٩٠.
٣ انظر المغني ٢/ ٥١٩.
٤ مغني المحتاج ١/٢٣٣.
٥ انظر: شرح الزركشي ٢/٥٥.

<<  <   >  >>