للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» (١).

وفي رواية للشيخين عن أبي سعيد الخُدري - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ؟» (٢).

قال ابن حجر: (سَنَنَ) بفتح السين للأكثر، وقال ابن التين: قرأناهْ بضمها.

وقال المهلب: بالفتح أولى، لأنه الذي يستعمل فيه الذراع والشبر، وهو الطريق (٣).

وفي الاصطلاح يختلف معناها حسب اختلاف مناهج العلماء .. حيث اصطبغت في الإسلام صبغة أكسبتها معاني، استمدَّ كل فريق من علماء الإسلام المدلول الخاص به من تلك الصبغة، إذ إنها من الكلمات التي خصَّصها المفهوم الإسلامي عن معناها اللغوي المطلق (٤).

فقد استعملت بمعنى تعاليم الشريعة الإسلامية، وعلى هذا المعنى تشمل كافة التعاليم الواردة في القرآن والحديث، أو المستنبطة منهما مِمَّا هو حُجَّةٌ، ويحمل على هذا المعنى ما جاء من الأخبار والآثار التي تَحُثُّ على التزام تعاليم الشريعة، وعدم التفريط فيها، وكذلك الأحاديث التي تُبَيِّنُ أحكاماً معيَّنة لحوادث وقعت، أو تظهر الأمر الذي كان عليه عمل النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه عند مخالفة


(١) " صحيح مسلم ": ٢ ا، الزكاة ٦٩ (١٠١٧) وفيه قصة، و " سُنن الدارمي ": ١: ١٣٠، و " مسند أحمد ": ٤/ ٣٥٧، ٣٥٨ - ٣٦٢، و " سُنن النسائي ": ٥/ ٧٥، ٧٦، و " سُنن ابن ماجه ": المقدمة (٢٠٣)، و " الترمذي ": ٤٢ - العلم (٢٦٧٥) بلفظ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ، غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ شَرٍّ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ، غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا».
(٢) " البخاري ": ٩٦، الاعتصام (٧٣٢٠)، و " مسلم ": ٤٧، العلم ٦ (٢٦٦٩)، وانظر: " منحة المعبود ": ١/ ٤٠ - ٤١.
(٣) " فتح الباري ": ١٣/ ٣٠١.
(٤) " الوضع في الحديث ": ١/ ٣١ وما بعدها بتصرف.

<<  <   >  >>