للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيَّدَتْهُ السلطة حتى صار عنصراً مُنْدَمِجاً في شخصية النبي!

ونراه يحاول جاهداً أنْ يُخْفِي الحقيقة ويصرفها إلى ما يُمْلِي هواهُ، فيَدَّعِي أنَّ المصدر الثاني للتشريع إلى ذلك الوقت لم يكن مُحَدَّداً، وأنَّ مفهوم السُنَّة هو ما كان عُرْفاً معمولاً به في البيئة، مع أنه ليس هناك ما يمكن أنْ يُؤَيِّدَ استنتاجه بشكل من الأشكال!

والذي يبحث عن الحقيقة ويَدَّعِي المنهج العلمي في بحثه لاَ بُدَّ وأنْ يستعين بالنصوص مجموعة في سبيل تفسير بعضها ببعض، حتى لا يقع في مثل هذا الخلط والتناقض!

ولو سلَّمنا جَدَلاً أنَّ كلمة السُنَّة كانت تطلق في بداية الأمر على ما كان معروفاً ومألوفاً في المجتمع الإسلامي، وهذا لا يمكن إلاَّ في حالات نادرة جداً، حيث تذكر الكلمة مضافة إلى المسلمين، أو ما شاكل ذلك، فهذا لا يعني أنَّ هذه الأشياء نسبت فيما بعد ذلك إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو سُمِّيَتْ فيما بعد ذلك بسُنَّة النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم هذا البحث كله يدور حول لفظ كلمة السُنَّة، لا حول فكرة الاقتداء بالنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فطاعة النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضرورية، والاقتداء بهديه مفروض على المسلمين بالنص القرآني:

{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (١).

{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢).

{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (٣).

وهذه الطاعة هي الأصل، وما يهمُّنا هو فرض طاعته - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ولذا فلا يمكن أنْ تقبل تلك المُفْتَرَيَاتُ، سواءٌ في ذلك ما زعمه جُولْدْتسِيهِرْ في تفسيره السُنَّة بأنها «مصطلح وثني» استعمله الإسلام، أو ما ذهب إليه مَارْغُلْيُوثْ من أنَّ معناها في العهد الأول كان «عُرْفِيًّا» أو ما ادَّعاهُ شَاخْتْ في دراسته من أنَّ


(١) [النساء: ٨٠].
(٢) [الحشر: ٧].
(٣) [التغابن: ١٢].

<<  <   >  >>