للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معلوم المقدار بسبب عدم العلم بنسبة التضخم التي ستؤثر على قيم السلع التي ربط الدين بها. وهذا شرط باطل، والشرط الباطل لا تترتب عليه آثاره، ومنها عدم انتقال الملك. وهو يؤدي إلى الربا لأن مقدار الدين سيرتفع، أو ينخفض فيأخذ الدائن والمقرض أكثر أو أقل مما له على المدين، أو المقترض، وهنا يقع ربا الفضل والنسيئة كما تم بيانه فيما سبق.

أما تعويض الدائن والمقرض، عند نقص قيمة الدين أو القرض نقصاً يبلغ الثلث فأكثر، وبسبب وقوع جائحة -كما تم إيضاحه قريباً- فهو خال من الشرط المفسد للعقد، وليس فيه ربا، ولا يؤدي إلى جهالة مقدار القرض أو الدين، وليس التعويض لكل القروض والديون ونحوهما. وتقدير الجائحة بالضوابط التي ذكرناها راجع إلى القاضي الشرعي.

٧ - وقد عددنا نقص قيمة النقود بالأسباب التي بيناها جائحة يترتب عليها رد الديون، والقروض بكامل قيمتها قبل وقوع الجائحة، أو أسبابها المؤدية لانخفاض العملة، لأن وضع الجائحة كلها هو الذي تؤيده عموم الأحاديث الشريفة، فلا يصح تقييدها بدون دليل مكافئ. وهذا قول الإمام أحمد في أشهر الروايتين (١) عنه، وأبي عبيدة، وغيرهما من فقهاء الحديث (٢)، وهو قول الشافعي في الجديد لو قال بوضع الجوائح، قال الشافعي: «ولو صرت إلى ذلك لوضعت كل قليل وكثير أصيب من السماء بغير جناية أحد فإما أن يوضع الثلث فصاعداً ولا يوضع ما دونه فهذا لا خبر ولا قياس ولا معقول» (٣). ويقول : «الجائحة من المصائب كلها كانت من السماء أو من الآدميين» (٤).


(١) المغني ٤/ ١٧٧، مجموع الفتاوى ٣٠/ ٢٧٩، الإنصاف ٥/ ٧٤، معونة أولي النهى ٤/ ٢٦٠.
(٢) مجموع الفتاوى. المغني ٦/ ١٧٧.
(٣) مختصر المزني ص ٨١، وانظر: الأم ٣/ ٥٧.
(٤) الأم ٣/ ٥٩.

<<  <   >  >>