للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطلب على العملة (ذهب) مثلاً، وارتفع سعره اختفى من الأسواق، ولكنه يوجد في البيوت.

ولقد وجدت هذه الحالات في البلدان التي كانت تطبق نظام المعدنين - الذهب والفضة- في العقود الماضية القريبة. فقد كانت نقود المملكة العربية السعودية قبل ١٩٥٤ م الريال الفضي، والجنيه الذهبي، وكان ارتفاع أسعار الذهب خارج المملكة يؤدي إلى اختفائه من الأسواق، لرغبة الناس في تصديره، أو للاحتفاظ به وادخاره. ومثل هذا يحدث للفضة عند ارتفاع سعرها، وذلك لأن للنقود الذهبية والفضية قيمة ذاتية مستمدة من معدنهما، فيميل الناس إلى سحبها من التبادل مطمئنين إلى بقاء تلك القيمة فيها (١).

وكان كلام الفقهاء في هذه المسائل بياناً لحكم هذه الوقائع، التي وقعت في عصورهم. تأسيساً على النصوص والقواعد الشرعية، وهو في الوقت نفسه تقعيد يستفيد منه من بعدهم في الحالات المماثلة.

وبالنسبة لصورة غلاء النقود ورخصها على ما عرفه به الفقهاء فإنه غير متحقق في النقود الورقية في هذا العصر، لأن الذهب والفضة اللذين تقاس بهما قيمة النقود من غيرهما لا يتعامل بهما في هذا العصر كنقود، وإنما تتفاوت قيمة النقود الورقية بغلاء البضائع، والمنافع، ورخصهما، فكلما غلت البضائع، والمنافع نقصت قوة شرائها، فكأنما انتقصت قيمتها، وكلما رخصت البضائع والمنافع زادت قوة شرائها، فكأنما ارتفعت قيمتها (٢).


(١) كساد النقود الورقية وانقطاعها وغلاؤها ورخصها ص ٦ وما بعدها للدكتور محمد علي القري بن عيد.
(٢) مسألة تغير قيمة العملة وربطها بقائمة الأسعار، للدكتور محمد تقي العثماني، منشور في مجلة مجمع الفقه بجدة، ع ٥، ج ٣ ص ٨٥١، موسوعة المصطلحات الاقتصادية ص ١٩٦.

<<  <   >  >>