للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تزايد جداً إلى أن بلغ الأردب بمائة وعشرة ثم بلغ في شعبان مائة وخمسة وعشرين، وقيمتها بالذهب إذ ذاك خمسة مثاقيل وربع، وبيع إذ ذاك دجاجة واحدة بأربعة دراهم، وصار أكثر الناس لا يقدر إلا على النخالة كل قرص أسود بنصف درهم وأكل الفقراء السلق والطين، وكادت الدواب أن تعدم لكثرة الموت فيها، وأكلوا الميتات» (١). ويقول: «وبلغ ثمن الفروج خمسة وأربعين، والسفرجلة خمسين، والرمانة عشرة، والبطيخة سبعين، ثم ارتفع الفناء وتراجع السعر إلى أن بيع القمح في ذي القعدة سعر سبعين، وفي آخرها إلى عشرين» (٢).

ويذكر المقريزي عن أحداث القرن التاسع الهجري:

«كان الأمير سعد الدين غراب الإسكندراني، ناظر الخاص، فعمل أعمالاً جسيمة، وتصرف تصرفاً عاماً، وما زال يرفع سعر الذهب، حتى بلغ كل دينار إلى مائتي درهم وخمسين درهماً من الفلوس، بعد ما كان بنحو خمسة وعشرين درهماً، ففسدت بذلك معاملة الإقليم، وقلت أمواله، وغلت أسعار المبيعات، وساءت أحوال الناس، إلى أن زالت البهجة، وانطوى بساط الرفه، وكاد الإقليم يخرب! نسأل الله العافية! فقد قام بمواراة آلاف من الناس، الذين هلكوا في زمان المحنة سنة ست أو سبع وثمانمائة» (٣).

وخلال العصور الإسلامية التي عرضناها، رغم ما وصلت إليه في بعض الأزمنة من الغلاء الشديد، والذي يقابله بلا شك هبوط قيمة العملة، وارتفاع التضخم، لأن التضخم في حقيقته قديم (٤)، لكن تسميته بهذا الاسم حديثة. لم


(١) إنباء الغمر بأبناء العمر ١/ ٩٢.
(٢) المصدر السابق ص ٩٣.
(٣) إغاثة الأمة بكشف الغمة ص ٧٩.
(٤) التضخم والربط القياسي ص ١٤.

<<  <   >  >>