للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب على هذا كما يأتي:

بالنسبة لقولهم إن المراد بالمثل القيمة الحقيقية غير صحيح، ومن نافلة القول إن الآراء التي تنسب للفقه الإسلامي، لا ينبغي أن تطلق جزافاً، وكيفما اتفق، وإنما يجب أن تكون خاضعة لنصوص الشريعة، وقواعدها، كما يجب أن يكون التفسير اللغوي خاضعاً لقواعد اللغة العربية. وقد بين الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية الحنابلة أن المثل يتحقق بالكيل، أو الوزن، أو العدد. على تفصيل بينهم (١). وأما القيمة: «فهي ما توافق مقدار مالية الشيء، وتعادله بحسب تقويم المقومين» (٢). ومن هنا يتضح أن هناك فرقاً كبيراً بين المثل والقيمة، وأنه لا يدخل أي منهما في مدلول الآخر، لأن المثل قائم على معايير دقيقة، الكيل، والوزن، والعد، أما القيمة فقائمة على التقويم، وهو التقدير.

وإذا أريد للمثل أن يعطي معنى القيمة فإنه حينئذ يحتاج إلى إضافة فيقال ثمن المثل. أما إذا أطلق كما في أحاديث الربا فلا يراد به إلا ما بيناه (٣).

يدل على ما ذكرنا من أن القيمة لا تحقق معنى المثل المذكور في أحاديث الربا ما رواه أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة أن رسول الله استعمل رجلاً على خيبر، فجاء بتمر جنيب، فقال رسول الله : «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟» قال لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله : «لَا تَفْعَل، بِعِ الجَمْعَ بالدَّراهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّرَاهِمِ جَنيبًا» متفق عليه (٤).


(١) انظر تفصيل هذا الموضوع في المبحث الأول.
(٢) المعاملات الشرعية المالية ص ١٣٥.
(٣) انظر تفصيله في المبحث الأول.
(٤) صحيح البخاري بشرحه ٤/ ٣٩٩، صحيح مسلم بشرحه ٤/ ١٠٥، سبق تخريجه وبيان معاني غريبه في المبحث الرابع.

<<  <   >  >>