للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم، قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنة فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنهم القراطيس (١) ، فرجعنا قلنا: ويحكم، أترون الشيخ يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فرجعنا. فلا والله، ما خرج منا غير رجل واحد". (٢)

والخوارج والمعتزلة تطرفوا في هذه المسألة إذ زعموا أن أهل الكبائر لا يخرجون من النار، ولا تنفعهم شفاعة الشافعين، كما أن المرجئة تطرفوا في الجانب المقابل حيث لم يقطعوا بدخول أحد من أهل الكبائر النار، ويزعمون أن أهل الكبائر جميعاً في الجنة من غير عذاب، وكلا الفريقين مخالف للسنة المتواترة الثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهم مخالفون لإجماع سلف الأمة وأئمتها، وقد هدى الله أهل السنة والجماعة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، حيث ذهبوا إلى أن أهل الكبائر تحت مشيئة الله، إن شاء غفر لهم برحمته، وإن شاء عذبهم بذنوبهم، ثم أدخلهم الجنة برحمته، (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: ٤٨] وقال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر: ٥٣] فالشرك لا يغفره الله، وما دونه تحت المشيئة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. وحجة الخوارج في نفي هذه الشفاعة الآيات الواردة في نفي الشفاعة التي يثبتها أهل الشرك، فأهل الشرك يعتقدون أن الشفاعة عند الله كالشفاعة في الدنيا، يشفع الشافع عند غيره بدون إذن منه، ويشفع الشافع عند غيره وإن لم يرض عن المشفوع له، وهذا لا يكون عند الله تبارك وتعالى، وقد جاءت النصوص بإبطال هذا النوع من الشفاعة،


(١) الصحف التي يكتب فيها.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة، (١/١٧٩) ، ورقمه: ١٩١.

<<  <   >  >>