وقال الحاكم: صار الدَّارَقُطْنِيّ أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع.
وقال ابن خلكان وقبل القاضي ابن معروف شهادته في سنة ست وسبعين وثلاثمئة، فندم على ذلك، وقال كان يقبل قولي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بانفرادي فصار لا يقبل قولي على نقلي إلا مع آخر.
[٤ - تواضعه]
لم يكن تواضع الدَّارَقُطْنِيّ رحمه الله تعالى مقتصرًا على شيوخه، بل كان هذا هو خلقه وطبيعته.. فقد كان يخفض جناحه لطلابه، الأمر الذي حببه إلى طلابه، فأقبلوا عليه يسألونه ويقتبسون من علمه وخلقه، وقد تقدم في «رحلاته العلمية» ، قول منصور بن علي الطرطوسي «لما أراد الدَّارَقُطْنِيّ الخروج من عندنا من مصر خرجنا نودعه وبكينا، فقال: لنا تبكون وعندكم عبد الغني بن سعيد وفيه الخلف» .
[٥ - ذكاؤه العجيب]
كان ذكاء الدَّارَقُطْنِيّ آية من آيات الله تعالى، منذ صغره حتى وفاته، لم يتغير ولم يتبدل.. قال ابن كثير «.. وكان من صغره موصوفًا بالحفظ الباهر، والفهم الثاقب، والبحر الزاخر..» .
وقال الأزهري: كان الدَّارَقُطْنِيّ ذكيًا إذا ذوكر شيئًا من العلم أي نوع كان وجد عنده منه نصيب وافر.
وقال الخطيب: سألت البرقاني، قلت له هل كان أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيّ يملي عليك «العلل» من حفظه؟ فقال: نعم، ثم شرح لي قصة جمع «العلل» ، فقال: كان أبو منصور بن الكرخي يريد أن يصنف مسندًا معللاً، فكان يدفع أصوله إلى الدَّارَقُطْنِيّ فيعلم له على الأحاديث المعللة، ثم يدفعها أبو منصور إلى الوراقين، فينقلون كل حديث منها في رقعة، فإذا أردت تعليق الدَّارَقُطْنِيّ على الأحاديث، نظر فيها أبو الحسن، ثم أملى علي الكلام من حفظه، فيقول حديث الأعمش عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود الحديث الفلاني، اتفق فلان وفلان على روايته، وخالفهما فلان، ويذكر جميع ما في الحديث فأكتب كلامه في رقعة مفردة، وكنت أقول له لم تنظر قبل إملائك الكلام في الأحاديث؟ فقال: أتذكر ما في حفطي بنظري.
قال الذهبي: قلت إن كان كتاب «العلل» الموجود قد أملاه الدَّارَقُطْنِيّ من حفظه كما دلت عليه هذه الحكاية، فهذا أمر عظيم، يقضى به للدارقطني أنه أحفظ أهل الدنيا.
وقال أيضًا قلت هنا يخضع للدارقطني ولسعة حفظه الجامع لقوة الحافظة ولقوة