قال الخطيب: البغدادي كان فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته، انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث، وأسماء الرجال، وأحوال الرواة، مع الصدق والأمانة، والفقه والعدالة، وقبول الشهادة، وصحة الاعتقاد، وسلامة المذهب، والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث.
وقال الأزهري: كان الدَّارَقُطْنِيّ ذكيًّا إذا ذوكر شيئًا من العلم أي نوع كان وجد عنده منه نصيب وافر.
وقال أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري كان الدَّارَقُطْنِيّ أمير المؤمنين في الحديث، وما رأيت حافظًا ورد بغداد إلا مضى إليه، وسلم له، يعني فسلم له التقدمة في الحفظ وعلو المنزلة في العلم.
وقال عبد الغني الأزدي أحسن الناس كلامًا على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة علي بن المديني في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ في وقته.
وقال البرقاني: كنت أسمع عبد الغني بن سعيد الحافظ كثيرًا إذا حكى عن الدَّارَقُطْنِيّ شيئًا، يقول قال أستاذي، وسمعت أستاذي، فقلت له في ذلك، فقال: وهل تعلمنا هذين الحرفين من العلم إلا من أبي الحسن الدَّارَقُطْنِيّ.
قال البرقاني: وما رأيت بعد الدَّارَقُطْنِيّ أحفظ من عبد الغني بن سعيد.
وقال الأزهري: بلغني أن الدَّارَقُطْنِيّ حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار، فجلس ينسخ جزءًا كان معه وإسماعيل يملي، فقال: له بعض الحاضرين لا يصح سماعك وأنت تنسخ، فقال: له الدَّارَقُطْنِيّ فهمي للإملاء خلاف فهمك، ثم قال تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن؟ فقال: لا، فقال: الدَّارَقُطْنِيّ: أملى ثمانية عشر حديثًا، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال، ثم قال أبو الحسن الحديث الأول منها عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا، والحديث الثاني عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا، ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث بمتونها على ترتيبها في الاملاء حتى أتى على آخرها، فتعجبت الناس منه - أو كما قال.
وقال البرقاني: سمعت أبا الحسن الدَّارَقُطْنِيّ يقول كتبت ببغداد من أحاديث السوداني أحاديث تفرد بها، ثم مضيت الى الكوفة لأسمع منه، فجئت وعنده أبو العباس بن عقدة، فدفعت إليه الأحاديث في ورقة، فنظر فيها أبو العباس ثم رمى بها واستنكرها، وأبى أن يقرأها، وقال هؤلاء البغداديون يجيؤنا بما لا نعرفه، قال أبو