الحسن ثم قرأ أبو العباس عليه فمضى في جملة ما قرأه حديث منها، فقلت له هذا الحديث من جملة الأحاديث، ثم مضى آخر، وهذا أيضًا من جملتها، ثم مضى ثالث، فقلت وهذا أيضًا منها، وانصرفت وانقطعت عن العود إلى المجلس لحمى نالتني، فبينما أنا في الموضع الذي كنت نزلته، إذا بداق يدق على الباب، فقلت من هذا؟ فقال: ابن سعيد، فخرجت وإذا بأبي العباس، فوقعت في صدره أقبله، وقلت يا سيدي لم تجشمت المجيء؟ فقال: ما عرفناك إلا بعد انصرافك، وجعل يعتذر إلي، ثم قال ما الذي أخرك عن الحضور؟ فذكرت له، أني حممت، فقال: تحضر المجلس لتقرأ ما أحببت فكنت بعد إذا حضرت أكرمني ورفعني في المجلس - أو كما قال -.
وقال أبو محمد رجاء بن محمد بن عيسى سألت أبا الحسن الدَّارَقُطْنِيّ، فقلت له رأى الشيخ مثل نفسه؟ فقال: لي قال الله تعالى " فلا تزكوا أنفسكم"، فقلت له لم أرد هذا، وإنما أردت أن أعلمه لأقول رأيت شيخًا لم ير مثله.
فقال: لي إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني، وأما من اجتمع فيه ما اجتمع في فلا.
وقال الحاكم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ - وسئل عن الدَّارَقُطْنِيّ - فقال: ما رأى مثل نفسه.
وقال محمد بن أبي الفوارس، وقد سأل أبا الحسن الدَّارَقُطْنِيّ عن علة حديث، أو اسم فيه فأجابه، ثم قال له يا أبا الفتح، ليس بين الشرق والغرب من يعرف هذا غيري.
وقال القاضي أبو الطيب الطبري حضرت أبا الحسن الدَّارَقُطْنِيّ، وقد قرأت عليه الأحاديث التي جمعها في الوضوء من مس الذكر، فقال: لو كان أحمد بن حنبل حاضرًا لاستفاد من هذه الأحاديث.
قال الخطيب: البغدادي حدثني الخلال، قال كنت في مجلس بعض شيوخ الحديث سماه الخلال ونسيت، وقد حضره أبو الحسين بن المظفر، والقاضي أبو الحسن الجراحي، وأبو الحسن الدَّارَقُطْنِيّ، وغيرهم من أهل العلم، فحلت الصلاة، فكان الدَّارَقُطْنِيّ إمام الجماعة، وهناك شيوخ أكبر أسنانًا منه، فلم يقدم أحد غيره.
وقال الحاكم: صار الدَّارَقُطْنِيّ أوحد عصره، في الحفظ والفهم والورع وإمام القراء والنحويين، وفي سنة سبع وستين أقمت ببغداد أربعة أشهر، وكثر اجتماعنا بالليل والنهار، فصادفته فوق ما وصف لي، وسألته عن العلل والشيوخ.
قال الخطيب: قرأت بخط حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق في أبي الحسن الدَّارَقُطْنِيّ