يرفع إسماعيل القاضي الحجر عن ولدي، فكلمته، فدعا المعتضد عبيد الله بن سليمان بن وهب وزيره وقال قل لإسماعيل القاضي حتى يرفع الحجر عن فلان، فدعاه الوزير وقال إن أمير المؤمنين يأمرك أن ترفع الحجر عن فلان، فقال: حتى أسأل عنه، فقال: أمير المؤمنين يأمرك بذلك، فقال: حتى أسأل، فقام وسأل عنه، فلم يخبر عنه برشد فنزله وأتى على ذلك أيام، فرجعت والدة الصبي إلى أختها وسألتها أن تعاود أمير المؤمنين، وكان المعتضد لا يعاود في حديث من خشونته، قال فعاودته، فقال: أليس قد أمرت؟ فقال: ت لم ترفع عنه بعد، فدعا وزيره عبيد الله ثانيًا، فقال: أمرتك أن تامر إسماعيل القاضي أن يرفع الحجر عن فلان، فقال: قد قلت له ذلك فقال: حتى أسأل عنه، فقال: قل له حتى يرفع الحجر عنه، فدعاه الوزير ثانيًا، وقال يأمرك أمير المؤمنين أن ترفع الحجر عن فلان، فأطرق إسماعيل ساعة ثم استدعى دواة وبياضًا وكتب فيها شيئًا وختمه، فاستعظم الوزير أن يختم عليه كتابًا ولم يقل له شيئًا لمحل إسماعيل من الورع، ودفع إلى الوزير، فقال: أوصل هذا إلى أمير المؤمنين فإنه جوابه، قال فأخذه الوزير ودخل على المعتضد وقال زعم أن هذا جواب أمير المؤمنين، ففتح المعتضد الكتاب فقرأه، ثم رمى به وقال لا تعاوده في هذا، فأخذ عبيد الله الوزير الرقعة، فإذا هو قد كتب بسم الله الرحمن الرحيم " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله"(٥٣) .
• وقال السلمي: قال الدَّارَقُطْنِيّ: سمعت أبا طاهر القاضي يقول ولد إسماعيل بن إسحاق القاضي في سنة مئتين. (٥٠) .
• وقال أبو القاسم الأزهري، عن أبي الحسن الدَّارَقُطْنِيّ، قال سمعت عبد الرحيم، ولم ينسبه، يقول إن إسماعيل بن إسحاق القاضي دخل إلى عنده عبدون بن صاعد الوزير، وكان نصرانيًا، فقام له ورحب به، فرأى إنكار الشهود ومن حضره، فلما خرج قال لهم قد علمت إنكاركم، وقد قال الله تعالى " لا ينهاكم عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ... " الآية، وهذا الرجل يقضي حوائج المسلمين، وهو سفير بيننا وبين المعتضد، وهذا من البر، فسكتت الجماعة لما أخبرهم. «تاريخ بغداد» ٦ ٢٨٩ و٢٩٠.