ابنك فلذة كبدك، إن يك صالحًا كريم الجِرِشَّى؛ فمثل ثواب عمله يكون لك؛ فإنه من كسبك.
وهو أمانة لديك، فينبغي أن تقوم عليه في أدبه، وتنظر في أََوَده، وتلهمه حلمك، وتمنحه علمك، حتى يكمل عقله، ويستحكم فتله، ويقوى نظره وفكره؛ ((فكلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته)).
ولله در مَن قال:
أما تدري أبانا كل فرع ... يجاري بالخطى مَن أدبوه
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
وما نَوْلُك [أي: ما ينبغي لك] أن تمهل حتى يشتد الولد ويجمع جراميزه ويمتطي جواد الشباب، ولئن فعلت إنك لنادم ولات حين مندم، ثم تعذله، ورُبَّ لاَئِمٍ مُليمٌ .. وأعيذك بالله من أن تَقول لولدك يومًا:((أعييتني بأُشُرٍ، فكيف بِدُرْدُرٍ)) [أي: لم تقبل النصح شابًّا، فكيف وقد بَدَتْ دَرَادُِرك كِبرًا؟!] ..
أو أن يُقال لك:((سبق السيفُ العَذَلَ)) [مَثَلٌ يُضرب لما قد فات ولا يُستدرك].
ثم احذر أن يخالف عملُك قولَك، فلسان الحال أفصح من لسان المقال، وخير المقال ما صدقته الفعال.
فالزم هذا؛ ينجب ابنك ويحمدكَ، وإلا كنت يا صاح ملومًا، وتحملت من إثمه كفلاً وذَنُوبًا .. وصار هو وَصْمًا، يولد عارًا، وينتج شنارًا ... وهَلُمَّ جرًّا، مِن شُبَّ إلى دُبَّ [أي: من الشباب إلى أن يدب على العصا].