واعلم أن الملك لله (سبحانه وتعالى)، يؤتيه مَن يشاء وينزعه ممن يشاء. ولن تجد تغير النعمة وحلول النقمة إلى أحد أسرع منه إلى جهلة النعمة مِن أصحاب السلطان والمبسوط لهم في الدولة إذا كفروا نِعَم الله وإحسانه، واستطالوا بما أعطاهم الله (عز وجل) من فضله)).
((واعلم أن الأموال إذا اكتُنِزَتْ وادُّخِرَت في الخزائن لا تنمو، وإذا كانت في صلاح الرعية وإعطاء حقوقهم وكف الأذية عنهم؛ نمت وزكت، وصلحت بها العامة، وترتبت بها الولاية، وطاب بها الزمان، واعتُقِدَ فيها العز والمنفعة.
فليكن كَنزُ خزائنك تفريقَ الأموال في عمارة الإسلام وأهله، ووفر منه على أولياء أمير المؤمنين قِبَلَك حقوقهم، وأوفِ من ذلك حصصهم، وتعهد ما يصلح أمورهم ومعاشهم، فإنك إذا فعلت ذلك قَرَّتِ النعمة لك، واستوجبت المزيد من الله (تعالى)، وكنت بذلك على جباية أموال رعيتك وخراجك أقدر، وكان الجميعُ لما شملهم من عدلك وإحسانك أَسْلَسَ لطاعتك.