ففي هاتين الآيتين ينهى الله عز وجل عن موالاة وموادةمناصرة الكفار لأن ذلك من الظلم والتناقض، أن يجمع الإنسان بين محبة الله وبين محبة من غضب الله عليه، فإن عداوة المعادي لربك أيها الإنسان باعثة وداعية إلى عداوتك له، ولنضرب لذلك مثلا ولله المثل الأعلى، لو كان هناك حاكم له مملوك، وهذا الحاكم يسدي على مملوكه من الخير، ويمنع عنه من الشر الشيء الكثير، ولهذا الحاكم أعداء، أيليق عقلاً وعرفًا، أن يوالي هذا المملوك ويناصر ويحب عدو سيده وولي نعمته، فكيف إذا نهاه سيده عن ذلك أشد النهي ورتب على موالاته لعدوه أن ينزل به أشد أنواع العذاب؟ فكيف إذا كان هذا العدو عدوا له ولسيده في آن واحد؟ ألا يعتبر من يفعل ذلك من الظالمين؟ والظلم نوع من الشرك، قال تعالى:(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لقمان: ١٣] فحال من يوالي الكفار ويناصرهم، ويترك موالاة الله ورسوله والمؤمنين، ومناصرتهم، كحال هذا المملوك مع سيده والله أعزُّ قدرًا وأجل ذكرًا وأعظم شأنًا من ذلك (١).
الدليل الثامن والثلاثون: قول الله تعالى: (وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا)[الفرقان: ٥٥] فهذه الآية دلت على أن المؤمن دائما مع الله على نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه، وهذا معنى كونه من حزب الله وجنده والموالين
(١) انظر مجموعة التوحيد (٢٦٤) وانظر تفسير ابن سعدي (٧/ ٣٥٦، ٣٦٤) وانظر ظلال القرآن سيد قطب (٢٨/ ٦٥ - ٧٠).