لقد اتضح لي مما أجملناه في نتائج ما سبق من مباحث هذه الرسالة أن «الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية» ترتكز على أساس ما دل عليه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وكلاهما وحي من الله تعالى: الأول باللفظ والمعنى والثاني بالمعنى دون اللفظ.
وقد طُبقَ هذا الأصل العظيم من أصول الإسلام في صدر هذه الأمة عندما كانت هذه الأمة جادة في إسلامها مخلصة في انتمائها للإسلام والمسلمين.
لقد كان المسلمون في الصدر الأول كالجسد الواحد في آلامهم وآمالهم، عندهم كانت شجرة الإيمان باسقة الأغصان ندية الأوراق مزهرة مثمرة، تستقي من النبع الصافي كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن ذلك لم يدم طويلاً، حيث قد تخبثت النفوس بانصرافها إلى التزود من المصادر الكدرة، والمستنقعات العكرة الآسنة، فجفت الأوراق وذبلت الأغصان وتداعى كيان الأمة الإسلامية، وكان أول شرخ أصاب الأمة في مقتلها هو