إضعاف روح الموالاة والمعاداة بين المسلمين أو الانحراف بالولاء والعداء عما يجب أن يكونا فيه، إلى ما لا يصح أن يكونا فيه، وقد ابتدأ الصدع مع بداية مكائد ابن سبأ اليهودي وبدأ يتسع حتى عصرنا الحاضر حيث لا يزال المسلمون يكتوون بنار التفرقة وتعدد الولاءات، وقلة المبالاة بقضايا الإسلام والمسلمين.
لقد كان الدافع لي وراء هذا البحث هو معرفة منزلة الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية، فتبين لي من خلال دراستي لهذا الموضوع في القرآن الكريم والسنة النبوية، وفعل الصحابة (رضي الله عنهم) وسلف هذه الأمة وعلمائها الأعلام في مختلف العصور وأغلب الأماكن. أن الحب في الله والبغض في الله، وما يتصل بهما من أعمال القلب والجوارح أصل عظيم من أصول الإسلام، لا يصح إسلام المرء إلا بهما كما قال تعالى:(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)(١).
وقد أكد البحث حقيقة الوحدة الإسلامية وأن المسلمين كانوا ويجب أن يكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وذلك من خلال صور الموالاة والمعاداة التي طبقها المسلمون تطبيقًا واقعيًا في عصور مختلفة وأماكن متباينة.
وقد كان يؤرقني ما يصيب المسلمين من مصائب ودواهي عظام تستقبل من حكام المسلمين وشعوبهم بعدم الاكتراث واللامبالاة وكنت أعتقد أن هؤلاء الذين يقفون من الإسلام وقضاياه موقف المتفرج، أو يلوذون بالصمت الرهيب في صراع الحق مع الباطل، أنهم على خطأ جسيم وإثم عظيم، وقد صح ما توقعته، فقد أدى بي البحث إلى نتائج مهمة في هذا الشأن كما يلي: