[المبحث الأول: الإسلام بين دعوى التعصب والتسامح مع الكفار]
قد يتبادر إلى ذهن البعض منا، من خلال ما تقدم عرضه في موضوع الموالاة والمعاداة في الإسلام، أن الإسلام يأمر بالانطواء والعزلة عن غير المسلمين، وأنه يربي أتباعه على إضمار الحقد والكراهية لغير المسلمين وأن أتباعه يتعصبون لأنفسهم وأهل عقيدتهم، دون أن يراعوا حقوق الطوائف الأخرى، ولا شك أن هذا الفهم الخاطئ مبعثه الجهل أو الحقد الدفين في النيل من الإسلام والمسلمين، وإلا فالحقيقة أنه لم يوجد مبدأ من المبادئ في الكون كله وعبر تاريخه الطويل تسامح مع أعدائه وعاملهم بالعدل مثل الدين الإسلامي، وهذا القول ليس مجرد ادعاء وإنما هو واقع يشهد له التاريخ وتبرهن عليه الأحداث فالرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما أقام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة كان فيها ثلاث قبائل من اليهود، هم بنو قريظة، وقنو قينقاع، وبنو النضير، فلو كان الرسول بغير هذه الصفة لما احتاج أن يوقع معهم معاهدة تعاون وحسن جوار، ولأمكنه أن يفعل بهم مثل ما يفعل الشيوعيون بالمعارضين لهم في روسيا وتشيكوسلفاكيا وغيرها من بلدان