للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حينئذ يكون في عداد المشركين حكمًا وفعلاً، وهو لم يحقق معنى لا إله إلا الله، فينفي ما نفته، ويفعل ما أثبتته، وإن كان يقولها عشرات المرات، لأن القول الصادق يدل عليه العمل (١).

وقد سئل مؤلف رسالة «أسباب نجاة المسئول من السيف المسلول» من قبل شخص ما قال في سؤاله: نحن نقول لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله ولا تكفون عن قتالنا، والكفار والأولون، إذا قالوها كف عنهم وأنتم تقولون: إنكم تقولونها وتشركون فماذا نقول حتى تكفوا عنا، أفتونا مأجورين؟ فأجاب الشيخ بقوله: إن كلمة الإخلاص هذه قيدت بقيود ثقال حيث كان «إمام» الحنفاء عليه السلام لم يحصل له قول «لا إله إلا الله»، ولم تتم له المحبة والمولاة وهو إمام المحبين إلا بالمعاداة كما قال تعالى مخبرا عنه: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ) [الشعراء: ٧٥ - ٧٧] فإنه لا ولاء إلا ببراءة ولا ولاء لله إلا بالبراءة من كل معبود سواه (٢).

وهذا هو معنى لا إله إلا الله كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلهُمْ يَرْجِعُونَ) [الزخرف: ٢٦ - ٢٨] فأورثها إمام الحنفاء عليه السلام لأتباعه يتوارثها الأنبياء بعضهم عن بعض فلما بعث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أمره الله بقولها كما قالها أبونا إبراهيم عليه السلام فأنزل الله عز وجل بها سورة كاملة هي سورة الكافرون فأمره أن يقول: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} .. إلى قوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ


(١) انظر كتاب الإيمان أركانه حقيقته نواقضه د/ محمد نعيم ياسين (١٨١، ١٨٢).
(٢) انظر مجموعة التوحيد (١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>