للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأركان» (١) فبين هذه الجوانب ارتباط وتلازم لا يتحقق وصف الإيمان للمؤمن إلا بتحقق هذه الجوانب الثلاث.

ذلك أن العبادة في الإسلام ليست كلمة تقال باللسان، وليست هي فقط الشعائر التعبدية وحدها من صلاة وصوم وزكاة، وحج كما يظن بعض الناس.

إن النطق بالشهادتين، يقتضي العمل بموجبهما ليكون موحدًا من نطق بهما توحيدًا حقيقيًا، ومن مقتضيات شهادة التوحيد، الموالاة في الله والمعاداة فيه، فمن توجه بالولاء والمحبة والنصرة للكفار أينما كانوا فإن هذا نقض لشهادة التوحيد ولو ظل ينطقها مئات المرات.

إن التوحيد يشمل كل حياة الإنسان وعمله وكل فكره ومشاعره وحتى خلجات النفس الداخلية التي قد يخفيها الإنسان داخل نفسه، ولا يبينها ولكنها لا تخفي على الله تعالى قال تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: ١٩] ويقول الله: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: ١٦٢، ١٦٣].

إن التوحيد لا يتم في حقيقة الواقع حتى تكون كل أعمال الإنسان وفكره ومشاعره مستقيمة على منهج الله مستمدة من وحي الله، وهذا يعني أن الإنسان يجب أن يكون معصوما من الخطأ ولكن الأخطاء تتفاوت فمنها ما يكون سهوا وخطأ ومنها ما يكون عمدًا وتهاونًا، ومنها ما هو من صغائر الذنوب، ومنها ما يكون كبيرًا من كبائر الذنوب، وقد يكون منها ما هو ردة وكفر، وذلك يختلف باختلاف الأفعال والنيات، ولكن التوجه بالمحبةوالمودة إلى الكفار والمشركين، وإقامة منهج الحياة والسلوك


(١) انظر شرح الطحاوية (٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>