للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدِيرٌ) [الشورى: ٩٩] فالذين اتخذوا من دونه أولياء غلطوا أشد الغلط وأجرموا أشد الإجرام، عندما اتخذوا حثالة البشر أو بعض المخلوقات أولياء لهم من دون الله أو مع الله، قال تعالى: (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام: ١].

وأصح القولين في ذلك أنهم يعدلون بالله غيره، في العبادة والمحبة والموالاة (١) كما في قوله تعالى: (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [الشعراء: ٩٨] وقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) [البقرة: ١٦٥] وقال تعالى: (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) [الكهف: ٥٠] أي: أن يبدلوا عبادة الله ومحبته وموالاته بغيره من الأنداد.

فالمسلم الحق هو الذي يتخذ الله وليا، ويرضي بولايته دون سواه ويعتقد جازما أن ولاية الله عز وجل هي التي تنفع في الدنيا والآخرة؛ لأن ذلك مما أخبر الله به في قوله تعالى: (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) [آل عمران: ١٥٠] فالله هو الولي للمؤمنين، وهو خير الناصرين لهم ففي ولايته وطاعته غنية وكفاية عن طاعة الكفار وموالاتهم، فيجب على المسلم أن يكون الله عز وجل هو الولي الذي يتقرب إليه العبد بالقول والعمل فهو يتولى عباده المؤمنين بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وإعانتهم في جميع أمورهم (٢) قال تعالى: (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ


(١) انظر مدارج السالكين بين إياك نعبد وإياك نستعين لابن قيم الجوزية (١/ ٣٤٠).
(٢) انظر تفسير ابن سعدي (٦/ ٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>