فمجابهة الطغاة تحتاج إلى معين وناصر، والمعين والناصر بعد الله، هو الأخ المؤمن الصادق، الذي يقدم نفسه، وماله وجميع ما يملك في نصرة دين الله ونصرة أخيه في العقيدة بلا ملل أو منة قال تعالى:(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)[طه: ٤٢، ٤٣] وما دام هذا شأن موسى مع هارون كما هو شأن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - مع صحابته، والتابعين لهم بإحسان، ألا يجب علينا الاقتداء بهم، في أن نذهب دعاة إلى الحق، كما ذهب موسى وهارون (اذهب أنت وأخوك بآياتي) ألسنا مكلفين بحمل هذا الدين كما حمله موسى وهارون وكما حمله رسلنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)[آل عمران: ١١٠] ألا يجب علينا التحمل والصبر في سبيل الدعوة كما صبر موسى وهارون (ولا تنيا في ذكري) ألا يجب أن نبلغ الطغاة والفراعنة في كل زمان ومكان دعوة الحق ونلزمهم بالأخذ بها وعدم إضلال الناس، وتعذيبهم بمناهج الكفر والضلال.
فالموالاة في الله لا تصدر من طرف واحد، وإنما هي شركة بين المؤمنين يكمل بها بعضهم بعضًا، فالأخ الذي تبحث عنه ليعينك دائما على طاعة الله ويواليك ويناصرك على ذلك، هو أيضا يبحث عنك لنفس الغرض، حيث إن الموالاة تضامن في المال والنفس واللسان والقلب، والأخ مع أخيه مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى، وتعين إحداهما الأخرى في مجالات الحياة المختلفة والحقوق التي تقتضيها الأخوة في الله هي كما يلي:
أولا: الحق الأول من حقوق الموالاة في الله الإيثار: إن من الصفات الكريمة التي امتدح الله بها الأنصار صفة الإيثار قال تعالى: