الفوارق الجاهلية، فبلاد الإسلام هي المأوى الشرعي لكل مسلم، فالدخول إلى دار الإسلام حقٌّ شرعي لكل مسلم على المسلمين جميعا، لا فضل لهم بذلك أو منة إذا كانوا مسلمين يطبقون الإسلام تطبيقا صحيحا.
ولكن مع ذلك لو بقيت قلة من المسلمين بدار الكفر، ثم اعتدى عليها بعد التسهيلات التي يمنحها المسلمون لهذه القلة في الدخول في دار الإسلام، فإن الواجب الإسلامي يفرض على المسلمين مناصرة تلك الأقلية المسلمة التي رضيت بالبقاء في دار الكفر بدون عذر أو مبرر شرعي، حيث إن دار الإسلام قد فتحت أبوابها لدخولهم ودخول كل مسلم إليها، قال تعالى:(وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[الأنفال: ٧٢].
فهؤلاء ليسوا من أعضاء المجتمع الإسلامي الموحد المتحد على الإسلام قال تعالى:(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا)[الأنفال: ٧٢] ومع ذلك أوجب علينا مناصرتهم بموجب رابطة الإسلام والإيمان ثم استثنى في مناصرة هؤلاء، أن لا تكون مناصرتهم مخلة بشرط من شروط الاتفاق بين المسلمين والكفار، لأن مصلحة المجتمع المسلم في دار الإسلام أولى من مصلحة قلة من المسلمين اختارت البقاء في دار الكفر على النزوح إلى دار الإسلام مع تمكنها من الدخول في دار الإسلام لو أرادت ذلك (١).
فإذا كانت مناصرة هذه القلة بتلك الصفات واجبة في الإسلام فما ظنك بمناصرة المسلمين المأسورين عند الكفار، والذين لا يستطيعون للخروج حيلة ولا يهتدون سبيلا، ولو خرجوا من دار الكفر لما وجدوا دار إسلام تؤويهم أو تضمهم، أو تدافع عنهم؟