للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو رهبة من بطش الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهم لو لم يقوموا بذلك وإنما هم الذين استأذنوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهذه المهمة العظيمة حبا لله ورسوله ونصرة دينه، وعداوة لمن حارب الله ورسوله وكان بإمكانهم أن يعيشوا كما عاش غيرهم من الجبناء والمنافقين الذين يدسون رءوسهم بالرمال ويتملقون كل كافر وفاجر، ولكن الحب الحقيقي لله ورسوله والمؤمنين والبغض والعداوة للكافرين، لا بد أن يتحول إلى عمل واقعي مشهود ليظهر صفاء الإيمان في أعماق النفس المسلمة.

ومن صور المعاداة في الله ما حصل في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث كان هناك رجل نصراني اسمه عساف من أهل السويداء فشهد عليه جماعة من أهل الإسلام أنه يسب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعندما طلب هرب واستجار بأحمد بن حجي أمير آل علي، فاجتمع الشيخ تقي الدين ابن تيمية والشيخ زين الدين الفارقي (١) شيخ دار الحديث، ودخلا على الأمير عز الدين أيبك الحموي فكلماه في أمره، فأجابهما إلى ذلك وأرسل معهما من جنده من يحضره فخرج الشيخان من عنده ومعهما خلق كثير من الناس وفي الطريق التقوا بعساف النصراني ومعه رجل من العرب فسب المسلمون عسافًا وشتموه فقال ذلك الرجل الأعرابي هو خير منك يعني النصراني فرجم الناس ذلك الأعرابي حتى مات، وأما عساف النصراني فقد قدم إلى الوالي وأعلن إسلامه وحقن الوالي دمه بسبب إسلامه (٢).

رابعًا: من صور الموالاة في الله عدم الرضوخ للإغراءات المادية


(١) هو عمر بن إسماعيل بن مسعود بن سعد الدين الربعي الفارقي الشافعي ولد سنة ٥٩٨ وتوفي سنة ٦٨٩ وهو محدث فقيه أصولي أديب مشارك في أنواع العلوم وله عدد من المؤلفات انظر معجم المؤلفين (٧/ ٢٧٧) وانظر البداية والنهاية لابن كثير (١٣/ ٣١٨).
(٢) انظر البداية والنهاية لابن كثير (١٣/ ٣٣٥، ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>