وتعهد أيضا باسم اليهود ببناء أسطول بحري لمشاركة الدولة العثمانية في صد الأعداء عنها، وتعهد كذلك ببناء جامعة في القدس كل ذلك مقابل التنازل عن قطعة صغيرة، من أرض فلسطين لليهود.
فأبي السلطان رغم حاجته إلى المال والاستقرار وقال للوسيط قره صو وهو عثماني الجنسية: اغرب عن وجهي أيها الخنزير، أنا لن أستطيع أن أبيع شبرا واحدا من أرض فلسطين لأنها ليست ملكي، بل هي ملك المسلمين جميعا أخذوها بدمائهم، ولن يعطوها إلا بدمائهم، فليحتفظ اليهود بملايينهم وإذا مزقت دولتي يوما فإنهم سيأخذونها بلا ثمن أما وأنا حي فإن عمل المشرط في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين بترت من دولتي وهذا أمر لن يكون، إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة (١).
رحمك الله يا عبد الحميد، لقد ظلمك التاريخ، وظلمك أصحاب الأقلام الذين يتخذون من مؤلفات جورجي زيدان، وفارس نمر وسلامة موسى مصدرا لتاريخهم ومعلوماتهم، وما أدرك أولئك الجهلة أن ثلاثتهم قد تربوا في أحضان الصليبية وأنهم يعملون لها، وأن مؤلفاتهم سلاح من الأسلحة التي تشهر في وجه الإسلام والمسلمين.
إن هذا الموقف في معاداة عبد الحميد، وموالاة ومناصرة أتاتورك يعطي صورة واضحة على من يجهل معظم أفراد الأمة بأعدائها الحقيقيين إلى حد يجعلهم ينصرون الظالم على المظلوم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولم يتعظ المسلمون من نتائج هذا الموقف مع أتاتورك وما حصل من ذلك من جرائم أو سيئات بل مر هذا الحدث بما فيه من مصائب ودواه عظام أثقلت وتثقل كاهل الأمة الإسلامية حتى هذا اليوم، ومع ذلك لا زال بعض المنتسبين إلى الإسلام يمتدح ذلك العدو اللدود للإسلام والمسلمين.
(١) انظر محاضرات في تاريخ فلسطين تأليف د/ أحمد طربين ص٤.