للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: قول من يقول إن التقليد أمر ضروري يباح عند الضرورة فليس في قدرة كل الناس معرفة الأدلة التفصيلية من الكتاب والسنة ولكنهم اشترطوا أن يكون التقليد لأحد الأئمة في ما وافق الكتاب والسنة فقد صرح الأئمة بأنه لا يجوز تقليدهم تقليدا مطلقا في كل شيء لأن التقليد المطلق خاص بالمعصوم - صلى الله عليه وسلم - فيما لم ينسخ أو يكون مخصوصا به دون غيره (١) فقد أمرنا الله بمتابعته بقوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ) [الأحزاب: ٢١].

أما ما عدا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيؤخذ من قوله ويرد ولذلك نرى أن الأئمة والفقهاء قد أوثر عن كل واحد منهم ما يدل على ذم التقليد والمتابعة المطلقة لغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

ومن الأقوال التي رويت عنهم ما يلي:

١ - قال أبو حنيفة رحمه الله: هذا رأيي فمن جاءنا برأي خير منه قبلناه وقال: هل لأحد قول مع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ (٣).

٢ - قال بشر بن الوليد (٤) قال أبو يوسف (٥) صاحب أبي حنيفة (لا يحل)


(١) انظر مجموعة التوحيد (١٥٠ - ١٥٢) وانظر أصول مذهب أحمد د/ عبد الله التركي (٦٧٦ - ٦٨٩).
(٢) انظر مجموعة التوحيد (١٥٠ - ١٥٢).
(٣) المصدر السابق (١٥١).
(٤) هو بشر بن الوليد بن عبد الملك ابن الخليفة الوليد الأول من أم ولد وقد عرف بعالم بني مروان لغزارة علمه، وكان بشر أميرًا للحج عام ٩٥ هـ كما اشترك في بعض الفتوحات الإسلامية في آسيا الصغرى وتولى قيادة الأسطول المصري فرسًا في تراقيا ووصل في توغله حتى أدرنة ولا يعرف تاريخ وفاته انظر دائرة المعارف الإسلامية (٣/ ٦٦٠).
(٥) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي أبو يوسف ولد
بالكوفة سنة ١١٣ هـ وتفقه علي أبي حنيفة وسمع من عطاء بن السائب وطبقته وروى عن محمد بن الحسن الشيباني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو يوسف فقيه
محدث أصولي، مجتهد حافظ عالم بالتفسير والمغازي وأيام العرب، ولي قضاء بغداد لثلاثة من الخلفاء العباسيين وتوفي بها في ربيع الآخر سنة ١٨٢ هـ ودفن بكرخ بغداد بقرب أم جعفر زبيدة من آثاره كتاب الخراج المبسوط في فروع الفقه الحنفي ويسمى بالأصل كتاب في آداب القاضي على مذهب أبي حنيفة انظر معجم المؤلفين عمر رضا كحالة (١٣/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>