للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاف في مثل تلك الصور المتقدمة وأمثالها يجب أن لا يورث عداوة ولا بغضاء، بل هو من اختلاف التنوع الذي فيه رحمة وتيسير على المسلمين في عباداتهم وفي شئون حياتهم العامة (١).

أما النوع الثاني من أنواع الاختلاف في الفروع: وهو اختلاف التضاد في الفروع، فهذا لا يوجب الكفر أو الخروج من الإسلام ما دام هذا الاختلاف مبنيا على تأويل من دليل يعتقد المخالف صحته، وذلك مثل بعض فرق أهل الكلام (٢) فلا يجوز تكفيرهم إلا إذا أنكر المخالف حكما شرعيا ثابتا بالتواتر القاطع والإجماع الصحيح، أو خالف بتأويل مجرد عن الدليل (٣) وإنما لمجرد الظن والهوى فإنه يكفر بمثل هذه المخالفة التي لا تستند إلى دليل وهذا النوع من الخلاف في المسائل الفرعية هو الممنوع وقوعه بين المسلمين، لأن أحد المخالفين لا بد أن يكون مخطئا وضالاً عن طريق الصواب.

فاختلاف التضاد في مسائل الفروع، هو أكثر أنواع الاختلاف خطورة حيث يئول بالأمة إلى العداوة والبغضاء بل إلى سفك الدماء واستباحة الأموال والأعراض، وهذا كله سببه الجهل بأحكام الإسلام وعدم فقهها وفهمها فهما صحيحا، وذلك راجع إلى سوء الطوية عند المخالف كما يفعل بعض المنافقين أو إلى التقليد الأعمى لأهل النفاق والضلال الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ومثل أولئك أهل التأويل الذين يئولون آيات القرآن الكريم والسنة النبوية تأويلات ضالة، بعيدة كل البعد عن منطوق النصوص ومفهومها، وإنما حملهم على ذلك، الهوى وما تعودوه، من أخلاق منحرفة ذميمة، ومفاهيم خاطئة وذلك هو ما حصل لأهل السنة والجماعة


(١) انظر اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ابن تيمية ص (٣٨ - ٤٢) وانظر أسباب اختلاف الفقهاء د/ عبد الله التركي ص (٣٠ - ٣٦).
(٢) انظر ما لا يجوز فيه الخلاف بين المسلمين/ عبد الجليل عيسى (١١٦ - ١٢١).
(٣) المصدر السابق ص (١٣٢ - ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>