للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإيمان وبالالتزام مع الجماعة المسلمة، لكن يكون ذلك استثناء وليس القاعدة للمجموع، فالأصل العزيمة والترخص هو الاستثناء لأن الدعوات تقوم على العزائم وأولي العزم، لا على الرخص والمترخصين (١).

ففيما عدا هذه الصور المتقدمة لا يجوز الاعتزال كما هو مذهب جمهور العلماء بناء على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي على الأمة المسلمة ممثلة في أفرادها كل بحسب قدرته، قال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [آل عمران: ١٠٤] فالآية وردت بصيغة من صيغ الطلب وهي المضارع المقرون بلام الأمر، والأمر للوجوب ما لم توجد قرينة تصرف المعنى إلى ما هو دونه ولا قرينة في الآية من هذا القبيل، فيثبت وجوب العمل بالمطلوب في الآية، فهي إذا في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٢) وقال تعالى مشيرا إلى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصيغة الإفراد (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) [لقمان: ١٧]، وقال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران: ١٤٢]، وقال تعالى: (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) [التوبة: ٨٨] فمن رغب بنفسه عن الجهاد فقد خالفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا معه ثم بين تعالى نتيجة عدم إنكار المنكر بقوله: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى


(١) انظر مجلة الدعوة المصرية عدد (٩١) السنة (٣٣) جمادى الأولى (١٤٠٤) (١٠) موضوع طريق الدعوة بين الأصالة والانحراف (٧).
(٢) انظر التشريع والفقه في الإسلام لفضيلة الشيخ مناع القطان (٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>