للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستمرة، إيثارا للسلامة، وطلبا للراحة، واستصغار للدعوة وأصحابها، ألا يكون هذا أعظم إثما ممن تخلف عن معركة واحدة.

ألا يكون موقف هذا المعتزل للدعوة والدعاة يوحي بعدم اكتراثه واهتمامه بالإسلام والمسلمين؟

إن الخوف من أهم الأسباب التي تقعد بضعاف الإيمان عن الموالاة في الله والمعاداة فيه.

إن الذين يعيشون لبطونهم وفروجهم، أخوف ما يخافون على حظوظهم الدنيوية، ولذلك تراهم يضحون بالإسلام والمسلمين، من أجل ذلك، فيدفعهم الخوف والجبن إلى تملق كل صاحب سلطة، ومجاراة كل طاغية، وإلى تحريف الكلم عن مواضعه طلبا لرضا ذوي السلطان، وأقل هؤلاء درجة من يلوذون بالصمت، في أشد المواقف حاجة إلى كلمة الحق عند السلطان الجائر.

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا: «إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره» (١) وهذا يدل على أن إيثار رضا المخلوق بما يجلب له سخط خالقه، نوع من الشرك، لأنه قدم رضا المخلوق على رضا الخالق عز وجل، وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس» رواه ابن حبان في صحيحه (٢).

فالواجب على المسلم إذا عرف الحق أن يتبعه وأن يقول به دون


(١) الجامع الفريد ص (١٤٤).
(٢) المصدر السابق ص (١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>