فقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى، أن يبتلي خيار هذه الأمة بشرارها، ومؤمنيها بفجارها، وعلماءها بجهالها، وهذه سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
ولذلك فإن حاجة المسلمين ماسَّة في هذا العصر، إلى أن يعودوا إلى تحقيق الموالاة فيما بينهم، والمعاداة مع أعدائهم، حيث قد تداعت عليهم قوى الكفر والظلم والطغيان من كل حدب وصوب، وتنادى الجميع للقضاء على هذا الدين بوسائلهم المختلفة، ولن يقف في وجه هذه الحرب الصليبية اليهودية الوثنية، المتواطئة مع المرتدين والمنافقين، وسفهاء المسلمين، سوى اتحاد المسلمين وتلاحمهم صفًا واحدًا، كما قال تعالى:(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)[الصف: ٤].
وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «مثل المؤمنين في توادهم وتلاحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»(١).
ولا شك لديَّ في أن القيام بمهمة البحث في هذا الموضوع على وجه الدقة والكمال أمر يحتاج إلى قدرة لا أدعيها لنفسي ومران أفتقده ولكنها المحاولة، وحسبي منها أن أبذل ما في وسعي وطاقتي من جهد من أجل إبراز الصورة المثلى التي رسمها القرآن الكريم والهدي النبوي وتناولها علماء الإسلام والأعلام بالتوضيح والبيان فيما تفرق من مباحثهم ودراساتهم في هذا الموضوع.
فإن أحسنت فما توفيقي إلا بالله، وأشكره سبحانه وتعالى على ذلك،
(١) متفق عليه، انظر نزهة المتقين شرح رياض الصالحين (١/ ٢٤٦) رقم الحديث (٢٢٦)