للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء مع ما يلزم عليهم من عقوبة تعزيرية تقوم بها الدولة المسلمة نحوهم يجب أيضًا على المجتمع، أن يقاطعهم، وينبذ مخالطتهم ويظهر عدم الود والاستئناس لهم، ما لم يتوبوا إلى الله توبة صادقة في أقوالهم وأفعالهم؛ لأن المعصية شديدة فيما يرجع إلى إيذاء الخلق، فالله عز وجل قد يعفو عما بينه وبين العبد ولكن ما بين العبد والناس لا بد فيه من القصاص والجزاء، والمستحب مع من يفعل ذلك أن ينصحه ويعظه بالتي هي أحسن، فإن رأى منه تجاوبًا وتقبلاً أحسن مصاحبته وأدام مودته، أما إن رآه باقيًا على فسقه وعصيانه استحب له إهانته والإعراض عنه، وإظهار بغضه وعداوته.

القسم الثاني: من معصيته بينه وبين ربه وهي المعاصي التي لا يكون أثرها مباشرًا على الغير، كصاحب الماخور (١) الذي يهيئ الفساد ويسهل طريقه على الناس فهذا لا يؤذي الناس في العرف الخاطئ عند البعض؛ لأن الناس يأتون إليه برضاهم، ولكنه في الحقيقة يؤذيهم في دينهم وفي دنياهم على حد سواء وربما كان سببا في حلول نقمة أو عذاب عليهم، فهو قريب من الأول ولكنه أخف منه من حيث إن المعصية بين العبد وبين الله وهي إلى العفو أقرب والأمر في ذلك مرجعه إلى الله عز وجل إن شاء عفا وإن شاء عاقب، وهذا النوع من المعاصي إن ظهرت وجب أولاً استيفاء الحد الشرعي أو التعزير على فاعل المعصية، ثم نصحه ليقلع عن تلك المعصية، فإن استمر على ذلك وجب الإنكار عليه، ومن الإنكار عليه الإعراض عنه ومقاطعته، وترك السلام عليه، أو إجابته إذا ظن أن في ذلك نوعًا من الزجر له، أو لغيره.

القسم الثالث: الذي فسقه مقصور على نفسه، بشرب خمر، أو


(١) بيت الريبة، ومجمع الفساق والعصاة، انظر المعجم الوسيط جـ ٢ ص ٨٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>