للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المريض والطبيب والعلاج، فهي مسألة اجتهادية تحدد حسبما تقتضيه السياسة الشرعية لمصلحة الدعوة إلى الله (١).

فطرق السلف الصالح قد اختلفت في إظهار البغض مع أهل المعاصي وإن كان كلهم قد اتفقوا على أن العاصي إذا نصح فلم يرجع ولم يتب عن معصيته وجب بغضه ووجب إظهار البغض له، ما لم يخش ترتب مفسدة أعظم من تلك المفسدة الحاصلة التي يريد أن يبغضه عليها.

فقد كان من العلماء من يتشدد في الإنكار، ويختار المهاجرة ولو كان سبب الهجر شيئًا يسيرًا ولكنه إذا صدر ممن يُقْتَدى بهم صار كبيرًا، فقد هجر الإمام أحمد رحمه الله يحيى بن معين في قوله: «كل ولا تسأل أحدًا شيئًا، ولو حمل الشيطان إلي شيئًا لأخذته منه» (٢)، فاستعظم الإمام أحمد هذه المقالة وهجر صاحبها فدل ذلك على أن بغض أهل المعاصي أمر واجب شرعًا وقد تقدمت أدلة متواترة على ذلك ولا بأس أن نشير إلى بعض تلك الأدلة أو غيرها من الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) (٣) وفي الحديث: «من أحب الله، وأبغض لله وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان» (٤).

فالبغض إنما ينتج عن المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا البغض يتخذ مراتب متفاوتة، فقد يقوى في نفس صاحبه حتى يحمله على تغيير المخالفة باليد، فإن قل عن ذلك كان التغيير بالكلام أو بترك


(١) انظر فضيلة الألفة والأخوة (مخطوطة) الورقة (٣٢)، وانظر الدرر السنية جـ ٧ ص ٤٠، ٤١.
(٢) انظر فضيلة الألفة والأخوة الورقة (٢٧).
(٣) سورة المجادلة آية (٢٢).
(٤) انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني جـ ١ ص ١١٢ رقم الحديث (٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>